باب في عقوبات المعاصي العاجلة * الأصل:
1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان، عن رجل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): خمس إن أدركتموهن فتعوذوا بالله منهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا اخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان، ولم يمنعوا الزكاة إلا منعوا القطر من السماء ولو لا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم وعدوهم وأخذوا بعض ما في أيديهم، ولم يحكموا بغير ما أنزل الله [عز وجل] إلا جعل الله عز وجل بأسهم بينهم».
* الشرح:
قوله: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمس إن دركتموهن فتعوذوا بالله منهن) هي: ظهور الفاحشة أي الزنا، ونقص المكيال والميزان، ومنع الزكاة، ونقض عهد الله ورسوله والحكم بغير ما أنزل الله، ويترتب على كل واحد منها عقوبة تناسبه فإن الأول لما كان فيه تضييع آلة النسل ناسبه الطاعون الموجب لانقطاعه، والثاني لما كان القصد فيه زيادة المعصية ناسبه القحط وشدة المؤونة وجور السلطان بأخذ المال وغيره، والثالث لما كان فيه منع ما أعطاه الله بتوسط الماء ناسبه منع نزول المطر من السماء، والرابع لما كان فيه ترك العدل والحاكم العادل ناسبه تسلط العدو وأخذ الأموال، والخامس لما كان فيه رفض الشريعة وترك القوانين العدلية ناسبه وقوع الظلم بينهم وغلبة بعضهم على بعض، وفيه تنبيه على أن لهذه الأمور تأثيرا عظيما في نزول هذه البلايا وورود هذه المصائب لاستعداد أهلها بالانهماك فيها وعدم المبالاة بها لسخط الله وعقوبته وأشار بقوله:
(ولو لا البهائم لم يمطروا) إلى أن وجود البهائم رحمة للناس وسبب لوصول فيض الحق إليهم، وذلك لأن بقاء البهائم ونشوءها بالماء والكلاء وهو متوقف على نزول المطر من السماء فإذا نزل المطر رعاية لحالها وحفظا لنظام أحوالها انتفع به بنو آدم أيضا كما دلت عليه حكاية النملة واستسقائها وقولها: «اللهم لا تؤاخذنا بذنوب بني آدم» وكما أن عقوبة الله عز وجل قد تعم الأبرار بشؤم الأشرار كذلك رحمته قد تعم الأشرار لرعاية الضعفاء والأخيار، ولعل المراد بعهد الله وعهد رسوله هو العهد بنصرة الإمام الحق واتباعه في جميع الامور، وظاهر أن ذلك موجب لظهور العدل