باب أنه لا يؤاخذ المسلم بما عمل في الجاهلية * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن ناسا أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ما أسلموا فقالوا: يا رسول الله أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه؟ فقال لهم رسول الله (صلى الله عليه وآله): من حسن إسلامه وصح يقين إيمانه لم يأخذه الله تبارك وتعالى بما عمل في الجاهلية ومن سخف إسلامه ولم يصح يقين إيمانه أخذه الله تبارك وتعالى بالأول والاخر».
* الشرح:
قوله: (قال إن ناسا أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ما أسلموا فقالوا: يا رسول الله أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد إسلامه - إلى آخره) الأظهر في السائل أنه كان حديث عهد بالإسلام; لأن جب الإسلام ما قبله كان من معالم الدين التي لا تجهل، ولعل المراد بالإسلام الحسن أن يكون اعتقاديا لا يكون فيه شوب شك ونفاق فقوله «وصح يقين إيمانه» تفسير له.
والمراد بالإسلام السخيف ما كان فيه شك ونفاق والإسلام الحسن يجب جميع ما وقع في أيام الكفر من حق الله وحق البشر إلا ما خرج بدليل مثل مال المسلم الموجود في يده، ثم الظاهر أن هذا حال الحربي الذي أسلم وأما الذمي فلا يسقط إسلامه ما وجب من دم أو مال أو غيره; لأن حكم الإسلام جار عليه على الظاهر والإسلام السخيف لا يجب ما قبله لأنه ليس بإسلام حقيقة فيؤخذ بالكفر الأول والآخر وبالعمل فيهما، وفيه دلالة على أن الكافر مكلف بالفروع كما أنه مكلف بالاصول ويمكن أن يراد بالإسلام الحسن الإسلام الثابت الذي لا يعقبه ارتداد وبالإسلام السخيف ما يعقبه ارتداد فإذا ارتد يؤخذ بكفره الأول والآخر وهذا التفسير لا يخلوا من مناقشة; لأن الإسلام قد جب الأول فكيف يؤخذ بعد الإرتداد بالأول، ويحكم بعود الزائل من غير سبب، ويمكن أن يدفع بأن السبب هو الإرتداد لأنه إذا ارتد حبطت عمله ومن جملة عمله إسلامه السابق فإذا بطل إسلامه السابق بطل جبه وإذا بطل جبه يؤخذ بالكفر الأول أيضا ضرورة أن المسبب ينتفي بانتفاء سببه على أنه يمكن أن يقال الذي يجب ما قبله هو الإسلام بشرط الاستمرار وإذا قطع الاستمرار بالارتداد علم أن هذا الإسلام لم يجب ما قبله فلا يلزم عود الزائل بل اللازم ظهور عدم زواله بذلك الإسلام.