باب في تفسير الذنوب * الأصل:
1 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن العباس بن العلاء، عن مجاهد، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «الذنوب التي تغير النعم البغي والذنوب التي تورث الندم القتل، والتي تنزل النقم والظلم، والتي تهتك الستر شرب الخمر، والتي تحبس الرزق الزنا، والتي تعجل الفناء قطيعة الرحم، والتي ترد الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين».
* الشرح:
قوله: (قال الذنوب التي تغير النعم البغي) أي البغي على الإمام العارف العادل أو على الناس أو السعي بالفساد بينهم أو فجور المرأة وكل ذلك يوجب فساد النظام وزوال الرفاهية وتغير النعم وذهاب الراحة، ونقل صاحب العدة عن سيد العابدين (عليه السلام) أنه قال: «الذنوب التي تغير النعم البغي على الناس، والزوال عن العادة في الخير، واصطناع المعروف، وكفران النعم، وترك الشكر قال الله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
وقال أيضا: «الذنوب التي تزيل النعم عصيان العارف والتطاول على الناس والاستهزاء والسخرية منهم» (والذنوب التي تورث الندم القتل) فإنه يورث الندامة في الدنيا والآخرة كما قال الله تعالى في قابيل حين قتل أخاه هابيل: (فأصبح من النادمين) والندامة الاخروية ظاهرة لمشاهدة الخلود في النار وشدة العقوبة وليست ندامة غيره من المعاصي مثل ندامته حيث كان الندامة منحصرة فيه (والتي تنزل النقم الظلم) الظلم على عباد الله يوجب نزول عقوبته ولزوم نقمته على الظالم ولو بعد حين وقد خرب الله تعالى ديار الظالمين وأفنى أولادهم وأموالهم كما هو معلوم من أحوال فرعون وهامان وأحوال بني امية وبني عباس وغيرهم من المشهورين بالظلم وهذه عقوبة دنيوية وأما الاخروية فمعدة لهم لا يعلم قدرها إلا هو (والتي تهتك الستر شرب الخمر) لأن الله تعالى يكشف الغطاء عن الأفعال القبيحة لشارب الخمر ويزيل الحياء عنه فلا يرى قبح شيء من الأشياء ولا يبالي بأقبح الأعمال ومن كان بهذه الصفة فهو حرى بأن يهتك ستره عند المقربين ويظهر عيبه عند الخلائق أجمعين (والتي تحبس الرزق الزنا) لأن قوة الباه من كثرة الرزق ولذلك يضعف بالصوم ونحوه من الرياضات النفسانية فالزاني إذا صرف قوته في غير محله استحق أن يحبس عنه الرزق (والتي تعجل الفناء قطعية الرحم) قد مر تحقيق ذلك في باب صلة الرحم وقطعها (والتي ترد الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين) الهواء الفضاء بين الأرض والسماء وأظلام العقوق له مبالغة في ظلمة العقوق وقبحه، ولا يبعد أن يجعل كناية عن أنه يمنع القلب عن