باب التوبة * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية ابن وهب قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة، فقلت: وكيف يستر عليه؟ قال: ينسي ملكيه وما كتبا عليه من الذنوب ويوحي إلى جوارحه: اكتمي عليه ذنوبه ويوحي إلى بقاع الأرض اكتمي ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقى الله حين يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من الذنوب».
* الشرح:
قوله: (إذا تاب العبد توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة - إلى آخره) التوبة الرجوع عن الذنب لقبحه إلى الطاعة فخرج الرجوع عن شرب الخمر مثلا لإضطراره بالبدن وقد يزاد مع العزم على عدم المعاودة إليه وتدارك ما يمكن أن يتدارك وقال الغزالي: التوبة تنتظم من امور ثلاثة علم وحال وعمل، أما العلم فهو اليقين بأن الذنوب سموم مهلكة وحجاب بين العبد ومحبوبه وهذا اليقين تثمر حالة ثانية هي التألم بفوات المطلوب والتأسف من فعل الذنوب ويعبر عن هذه الحالة بالندامة وهي تثمر حالة ثالثة هي ترك الذنوب في الحال وعزم على عدم العود إليها في الاستقبال وتدارك ما فات في الماضي من حقوق الله تعالى مثل الصلاة والصيام والزكاة ونحوها من حقوق الناس مثل رد المال إلى صاحبه أو وارثه وطلب الإبراء في الغيبة وتسليم النفس في القصاص إلى وليه ليقتص منه أو ليعفوا عنه، ولو لم يمكنه ذلك كان عليه أن يكثر في العبادة ليبقى له قدر الكفاية في القيامة بعد أخذ حقوقهم منها وهذه الامور الثلاثة مترتبة في الحصول ويطلق اسم التوبة تارة على مجموعها وتارة على الندم والعزم واخرى على الندم وحده ويجعل العلم كالمقدمة والترك، كالثمرة فيكون الندم محفوفا بالطرفين الطرف الأول مثمر الندم والطرف الآخر ثمرته كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «إن الندم على الشر يدعوا إلى تركه» وترتب هذه الامور غير مختصة بالتوبة بل انتظام الصبر والشكر والتوكل والرضا وغير ذلك من المقامات الدينية ينتظم من علم وحال وعمل وهذه الامور الثلاثة إذا قيس بعضها إلى بعض لاح للناظرين إلى الظواهر أن