بحسب العدد ولم يقل في عظم ذنوبي وكثرتها إقتصارا بالقرينة، وفي للظرفية مجازا للمقايسة كما في قولك: خيره قليل في شره أي بالقياس إليه.
(وما أكثر ذنوبي وأعظمها على قدر صغر خلقي وضعف ركني) ركن كل شخص جوارحه وجوانبه التي يستند إليها ويقوم بها وأيضا عشيرته الذين يستند إليهم كما يستند إلى الركن من الحائط والأول هنا أنسب والثاني متحمل وفيه تعجب في تعجب من حمل هذا الخلق الصغير الضعيف تلك الأثقال الكثيرة والأحمال العظيمة الثقيلة التي لا يقدر على تحملها الأقوياء. (رب وما أطول أملي في قصر أجلي وأقصر أجلي في بعد أملي) أيضا مبالغة في التعجب حيث أراد تحصيل ما يقتضي زمانا طويلا في زمان قصير وتطبيق زمان قصير بزمان طويل.
(وما أقبح سريرتي في علانيتي) فيه أيضا مبالغة في التعجب حيث أنه أفسد سريرته مع الخالق وأصلح علانيته مع الخلق وذلك النفاق والمخادعة فصار بذلك مصداقا لقوله تعالى (يخادعون الله وهو خادعهم).
(رب لا حجة لي ان احتججت) لأنها داحضة بعد التعريف والبيان. (ولا عذر لي ان اعتذرت) لأنه مقطوع بعد التوضيح والبيان. (ولا شكر عندي ان ابتليت وأوليت) يجوز بناء الفعلين للفاعل والمفعول وهو أظهر، والابتلاء كما يكون بالمحنة والعطية كذلك يكون بالمحنة والبلية وهي أولى بالإرادة هنا للفرار عن وسمه التكرار وفيه دلالة على أنه تعالى يستحق الشكر في الحالين.
(ان لم تعني على شكر ما أوليت) بالتوفيق له وصرف القوة إليه والفعل يحتمل الوجهين والعائد إلى الموصول محذوف ولم يذكر الابتلاء إما للاختصار أو للتغليب أو لأن الابتلاء أيضا إيلاء (رب ما أخف ميزاني غدا) لقلة حسناتي وصغرها وكثرة سيئاتي وعظمها. (ان لم ترجحه) بالتفضل أو لمحو بعض السيئات وإسقاطه أو بتثقيل الخفيف وتخفيف الثقيل وهما أيضا تفضل.
(كيف لي بذنوبي التي سلفت مني) كيف استفهام عن الأحوال وقد يقع للتعجب منه وهو المراد هنا أي حال لي بسبب تلك الذنوب أو معها.
(وقد هدت لها أركاني) الواو للحال وهدت على البناء للمفعول بمعنى كسرت يقال هذا البناء يهده هدا كسره وضعضعه وهدته المصيبة ضعفت أركانه أي جوارحه وهذه الجملة الحالية سبب لما ذكر من الحالة العجيبة.
(وكيف أطلب شهوات الدنيا وأبكي على خيبتي فيها) المراد بالبكاء معناه حقيقة مع إمكان أن يراد به الحزن كناية.