باب من يعيب الناس * الأصل:
1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، وعدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، جميعا عن ابن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إن أسرع الخير ثوابا البر وإن أسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه أو يعير الناس بما لا يستطيع تركه أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه».
* الشرح:
قوله: (إن أسرع الخير ثوابا البر وإن أسرع الشر عقوبة البغي) لعل المراد بالبر هنا اللطف بخلق الله والإحسان إليهم وثوابه سريع يصل إلى صاحبه في الدنيا أيضا ويطلق كثيرا ما على كمال الإيمان والطاعة والعفة والتقوى والأعمال الجميلة كلها، والبغي الظلم والعدوان على عباد الله والفساد بينهم ويطلق على الزنا أيضا. وهذا الكلام لفظه اخبار ومعناه نهي عن ركوب هذه المعاصي وحث على الانتهاء عنها.
(وكفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه أو يعير الناس بما لا يستطيع تركه أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه) من البين أن الإنسان يحب نفسه وأن المحب لا يرى عيب من يحبه فلذلك لا يبصر الإنسان عيب نفسه ولو قلع عنه علاقة المحبة لابصر عيبه كما يبصر عيب غيره، فينبغي أن يرجع إلى نفسه فإن وجد فيها عيبا اشتغل به وبإصلاحه ودفعه ولا يترك نفسه ويذم غيره وإن عجز عن إصلاحه فينبغي أن يعلم أن عجر غيره كعجزه ولو لم يجد في نفسه عيبا فهو من أعظم العيوب; لأن براءة النفس من العيب جهل والجهل عيب عظيم وعلى تقدير عدمه فليشكر الله عز وجل على النزاهة ولا يلوث نفسه بذكر عيب أخيه الذي هو أعظم العيوب، والعلم بأن تألم غيره بذكره عيب ذلك الغير كتألمه بذكر ذلك الغير عيبه، باب عظيم إلى ترك عيوب الغير، ثم الظاهر أن المراد بما يعمى عنه من نفسه وما لا يستطيع تركه الأمر الأعم سواء كان من جنس ما في الغير، أم لم يكن مع احتمال المماثلة وعلى التقديرين لا ينبغي أن يعيب صاحبه; لأن عيبه إما أن يكون مثل عيب صاحبه أو أكبر منه أو أصغر فإن كان الأولان ينبغي أن يكون له في عيبه لنفسه شغل عن عيب صاحبه وإن كان الأخير فهو ممنوع أيضا لأنه يضيف إلى عيبه الأصغر عيبا آخر أكبر وهو الغيبة والتعيير.