باب في علامة المعار * الأصل:
1 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن المفضل الجعفي قال: قال: أبو عبد الله (عليه السلام): «إن الحسرة والندامة والويل كله لمن لم ينتفع بما أبصره ولم يدر ما الأمر الذي هو عليه مقيم، أنفع له أم ضر؟ قلت له: فبم يعرف الناجي من هؤلاء جعلت فداك؟ قال: من كان فعله لقوله موافقا فأتت له الشهادة بالنجاة، ومن لم يكن فعله لقوله موافقا فإنما ذلك مستودع».
* الشرح:
قوله: (ان الحسرة والندامة والويل كله لمن لا ينتفع بما أبصره) الحسرة اسم من حسرت على الشيء حسرا من باب تعب وهي التلهف والتأسف على فوات أمر مرغوب، والندامة الحزن على فعل شيء مكروه، والويل العذاب وواد في جهنم، يعني هذا كله لمن لم ينتفع بما أبصره من العقائد والاحكام والاعمال والاخلاق والآداب وعدم الانتفاع كناية عن الاعراض عنه وعدم الاعتناء به.
(ولم يدر ما الامر الذي هو عليه مقيم) فيه حث على مراقبة النفس في جميع الحالات ومحاسبتها في جميع الحركات والسكنات ليعلم ما ينفعها وما يضرها فإن ذلك يوجب طلب النافع وترك الضار، وسلوك طريق الخير، ورفض طريق الشر.
(قلت له: فبم يعرف الناجي من هؤلاء جعلت فداك - إلى آخره) سأل عن سبب النجاة من العذاب أو من ألم الفراق أو من الكفر ليعرفه ويتمسك به ويتبعه. فأجاب (عليه السلام) بأنه الموافقة بين القول والفعل. والمراد بالقول القول الحق، فمن كان فعله موافقا لقوله الحق «فأتت» أي جاءت له الشهادة بالنجاة لأنه لأنه حكيم كامل قلبه متنور بنور المعارف والايمان فظاهر مستقيم بعمل الخير والاحسان لأن الأول وهو القول الحق دليل على اتصافه بالحكمة النظرية إذ استقامة اللسان دليل على استقامة الجنان، والثاني وهو موافقة الفعل لقوله دليل على اتصافه بالحكمة العملية وغلبته على القوة الشهوية والغضبية. وفي بعض النسخ «فأثبتت» على صيغة المؤنث المجهول من الاثبات ومن لم يكن فعله موافقا لقوله بأن يكون قوله حقا وفعله بالطلا كما هو شأن أكثر الخلق فإنما ذلك مستودع ايمانه غير ثابت فيحتمل أن يبقى على الحق ويثبت له الايمان ويحصل له النجاة، ويحتمل أن يزول عن الحق ويسلب عنه الايمان ويعود إلى الشقاوة ويستحق الويل والحسرة والندامة.