(وإيمان العلماء وفقههم) المراد بإيمانهم الإيمان المستفاد من البرهان المفيد لليقين وأما إيمان غيرهم فهو ظني أو تقليدي ناقص أو مستودع، وبالفقه العلم بالدين وما اشتمل عليه السنة النبوية والكتاب المبين والعمل به مع بصيرة قلبية داعية إلى الآخرة زاجرة عن الدنيا والركون إليها.
(وتعبد الخاشعين وتواضعهم) لله ولرسوله والأئمة المعصومين ولسائر المؤمنين والتواضع ضد التكبر ومن أفراده والامتثال بالأوامر والنواهي والإتعاظ بالمواعظ والنصائح والخشوع السكون والتذلل وهو وصف يتصف به القلب والبصر واللسان وغيرها من الجوارح وصاحب هذا الوصف متقيد بسائر أوصاف الكمال غير متجاوز منها إلى أضدادها. (وحكم الفقهاء وسيرتهم) اريد بالفقهاء العالمون بالشريعة كما هي وحكمهم مطابق لحكم الله قطعا وبالسيرة السنة والطريقة والهيئة الحسنة فالمطلوب استقامة القلب وربطه بالحق والحكم به واستقامة الظاهر مثلهم.
(وخشية المتقين ورغبتهم) الخشية الخوف الحاصل من العلم بعظمته تعالى ولذلك قال الله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وهي مقتضية للتقوى من الله وترك محرماته والرغبة إليه في التوفيق لمرضاته (وتصديق المؤمنين وتوكلهم) اريد بالمؤمنين الكاملين في الإيمان وهم الذين صدقوا بالله وبرسوله وبما جاء به الرسول وعملوا الصالحات وتركوا المنهيات وهذبوا الظاهر والباطن وساروا بشراع التوكل ورفض الأغيار إلى حضرة القدس وساحة الجبار. (ورجاء المحسنين وبرهم) رجاء أحد بالسعادة الأبدية والمثوبات الاخروية والتقرب بالحضرة الربوبية سبب للإحسان والبر بنفسه وبغيره والإحسان قد يفسر بما يقتضيه مقام المشاهدة وهو أن تعبد الله كأنك تراه وإليه أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «لم أعهد ربا لم أره» وقد يفسر بما يقتضيه مقام المراقبة وهو أن تعبده معتقدا بأنه يراك وهذا دون الأول وقد يفسر بالإخلاص في النية في جميع الأعمال فان العامل بدونه ليس محسنا والإحسان على جميع التفاسير يقتضي تجويد العمل والإتيان بجميع ما له مدخل في كماله والاحتراز عن كل ما له تأثير في نقصانه.
(اللهم إني أسألك ثواب الشاكرين ومنزلة المقربين ومرافقة النبيين) طلب ذلك من باب التفضل بعد تحقق الاستعداد بصحة الإيمان والعمل في الجملة وطلب التوفيق مثل أعمالهم الموجبة لهذه الدرجات العلية. (اللهم إني أسألك خوف العاملين لك) خوفهم خوف التقصير في العمل أو خوف عدم قبوله وذلك يوجب الإجتهاد فيه وفي رعاية جهات حسنه.
(وعمل الخائفين منك) أي من عقوبتك بالمخالفة والمطلوب دوام العمل وخلوصه وجودته لضرورة أن عمل الخائف منها متصف بهذه الصفات.
(وخشوع العابدين لك) المراد بالعابدين له من اشتغل جميع جوارحه وأعضائه بما أمرت به