باب من طلب عثرات المؤمنين وعوراتهم * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن إبراهيم والفضل ابني يزيد الأشعري، عن عبد الله (عليه السلام) بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا:
«أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما».
* الشرح:
قوله: (أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما) قد تحقق هذا في كثير من الإخوة والأصدقاء ولذلك قال بعض العارفين لابد من أن تأخذ صديقا معتمدا موافقا مأمونا شره ولا يحصل ذلك إلا بعد إختيارك إياه قبل الصداقة آونة من الزمان في جميع أقواله وأحواله مع بني نوعه ومع ذلك لابد بعد الصداقة من أن تخفي كثيرا من أسرارك وأحوالك منه فإنه ليس بمعصوم فلعل بعد المفارقة منك لامر قليل يوجب زوال الصداقة يعنفك بأمر يكرهك.
والمراد باحصاء العثرات والزلات حفظها وضبطها في الخاطر أو الدفاتر ليعنفه ويعيره بها يوما من الأيام. ويفهم من هذا الحديث وغيره من أحاديث هذا الباب أن كمال قربه إلى الكفر بمجرد الإحصاء لقصد التعنيف وإن لم يقع التعنيف، ووجه قربه إلى الكفر أن ذلك منه باعتبار عدم استقرار ايمانه في قلبه ومن لم يستقر ايمانه بعد فهو قريب من الكفر، أو المراد بالكفر كفر النعمة فإن مراعاة حقوق الاخوة من أجل نعماء الله عز وجل وقصده ذلك مناف لمراعاتها فهو قريب من الكفر ويتحقق بالكفر بوقوع التعنيف، وينبغي للمؤمن إذا عرف عثرات أخيه أن ينظر أولا إلى عثرات نفسه ويطهر نفسه عنها، ثم ينصح أخاه بالرفق واللطف والشفقة ليترك تلك العثرات ويكمل الاخوة والصداقة ويتم الرفاقة في السير إلى الله تبارك وتعالى، ثم لعل المراد بتلك العثرات ما ينافي حسن الصحبة والعشرة، وأما ما ينافي الدين من الذنوب فلا يعنفه ولا يعيره على رؤوس الخلائق ولكن يجب عليه من باب النهي عن المنكر زجره عنها على الشروط والتفاصيل المذكورة في موضعها.