باب الغيبة والبهت * الأصل:
1 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الآكلة في جوفه. قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله):
الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث، قيل: يا رسول الله وما يحدث؟ قال:
الاغتياب».
* الشرح:
قوله: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الآكلة في جوفه) أي في قلبه أو مطلقا. والغيبة بالكسر اسم من اغتاب فلان فلانا إذا ذكره بما يسوؤه ويكرهه من العيوب وكان فيه وإن لم يكن فيه فهو تهمة، وفي العرف ذكر الإنسان المعين أو بحكمه في غيبته بما يكره نسبته إليه وهو حاصل فيه ويعد نقصا في العرف بقصد الانتقاص والذم قولا أو إشارة أو كناية، تعريضا أو تصريحا فلا غيبة في غير معين كواحد مبهم من غير محصور بخلاف مبهم من محصور كواحد من المعينين فإنه في حكم المعين كما صرح به شيخ العارفين في الأربعين ولا بذكر عيبه في حضوره وإن كان آثما لإيذائه إلا بقصد الوعظ والنصيحة والتعريض حينئذ أولى إن نفع; لأن التصريح يهتك حجاب الهيبة، ولا بذكر ما ليس فيه فإنه بهتان وتهمة، ولا بذكر ما لا يكره ولا يعد نقصا، ولا بذكر عيبه لا لقصد الانتقاص كذكره للطبيب لقصد العلاج، وللسلطان لقصد الترحم.
والغيبة حرام للآيات والروايات واجماع الامة وقد عدت من الكبائر والمغتاب لما لم يكن معصوما ينبغي أن يكون له في عيبه لنفسه شغل عن عيب غيره، ولو فرض أنه خال من العيوب كلها فلينزه نفسه من الغيبة التي هي أقبح العيوب ومن أعظم الكبائر وليعلم ان ما صدر من أخيه مفسدة جزئية والغيبة مفسدة كلية; لأن مقصود الشارع اجتماع المؤمنين وإيتلافهم وتعاونهم وتصافي قلوبهم ومحبتهم، والغيبة لكونها مثيرة للتضاغن والتباعد والتعاند منافية لذلك المقصود فهي مفسدة كلية وإذا علم ذلك زجر نفسه عنها لأن العاقل لا يعيب أحدا بمفسدة جزئية مع تلبسه هو بمفسدة كلية.
قال الشهيد الثاني: والعجب من علماء أهل الزمان أن كثيرا منهم يجتنبون كثيرا عن المعاصي الظاهرة مثل شرب الخمر والزنا وغصب أموال الناس ونحوها وهم مع ذلك يتعاطون الغيبة