واما الثالث فمن المعلوم، ان الإقامة المتحققة عن قصر قاطعة للسفر ضرورة ان مفهوم الإقامة مضادة لمفهوم السفر والارتحال، فالبناء على الإقامة مضاد للبناء على السفر والارتحال، فإذا قصد المسافر الإقامة زال عنه التلبس بالسفر والارتحال، مراعى وإنما يستقر بترتيب اثر الإقامة من إقامة صلاة تامة، بل يمكن ان يقال بترتيب اثر الإقامة مطلقا ولو باتيان نافلة الظهر مثلا.
وكيف كان فمضادة الإقامة الخارجة عن الحد المتعارف للمسافرين في توقفهم في المنازل والمقصد للسفر امر واضح، لان السفر امر عرفي واقعي يعتبر فيه الجد في الطي طبعا.
فإذا توقف المسافر عن السير والطي بحيث خرج عن حد الاشتغال بالسفر عرفا صدق عليه انه مقيم لا راحل ومسافر، غاية الأمر ان الكلام في أن الحد المخرج عن صدق السفر هل هو إقامة عشرة أيام في الواقع والشارع كشف عنه، وان خفى على أهل العرف لدقته وغموضه أو يكون التحديد المزبور تعبدا من الشارع وكونه تعبديا لا يوجب صيرورة إقامة عشرة أيام قاطعة للحكم لا الموضوع، وإنما يوجب عدم صدق الإقامة المضادة للسفر على إقامة ما دون العشرة واختصاصها بإقامة العشرة فما فوقها.
إذا اتضح لك ما بيناه اتضح لك ان خروج المقيم إلى ما دون المسافة لا يضر بالإقامة بوجه ولا يوجب التقصير مطلقا.
توضيح الحال ان الاستشكال في خروج المقيم عن محل إقامته إلى ما دون المسافة إن كان من جهة تقوم الإقامة بالمحل الذي نوى الإقامة فيه، وإذا خرج عنه خرج عن كونه مقيما وزال عنه حكم التمام لارتفاع موضوعه فيعود إلى التقصير.
ففيه ما عرفت من أن الإقامة لا تتقوم بالمحل ولا يعتبر في تحققها قصد مكان