من الوجه المزبور جمع بين الحقين لا تقديم لدين الحج على دين الزكاة.
فان قلت: لو جاز اتيان الحج عن الميت من دين الزكاة التي وجبت عليه لجاز اتيان الحي ما وجبت عليه من حجة الاسلام من الزكاة التي تعلقت به، مع أن عدم جوازه من البديهيات.
قلت: الملازمة ممنوعة لان الحقين بالموت يتعلقان بالتركة لان كال منهما حق مالي، فمع عدم المزاحمة بينهما لابد من اعمالها والجمع بينهما.
وقد عرفت بما بيناه طريق الجمع بينهما فحينئذ لا يجوز صرف الزكاة في غير الحج من سائر المصارف الا ما زاد عن مصرف الحج واما في حال الحياة فكل من الحقين متعلق بذمة الحي فلا اجتماع لهما في محل واحد حتى يجب الجمع بينهما مع الامكان، فلا مجال لصرف الزكاة التي تعلقت بذمته في الحج عن نفسه، مع أن عدم جواز صرف زكاته المتعلقة به في حج نفسه مع عدم التمكن من اتيان الحج من غير الوجه المذكور ممنوع.
والحاصل ان تقديم صرف التركة في الحج على صرفها في سائر مصارف الزكاة لا ينافي القاعدة المقررة في تزاحم الحقوق، اما من جهة ان صرفها لا ينافي مع كونها زكاة، كما بيناه ولعله هو الظاهر، واما من جهة ان الحج أهم من الزكاة في نظر الشارع وتقديم الأهم على المهم حكم عقلي مطرد في جميع الموارد، والحكم بالتوزيع إنما هو مع تساوى الحقوق.
ثم إن ما ذكره من أنه لا يكفي في اثبات الحكم الشرعي مثل هذه الأدلة إلى آخره.
ان أراد منه انه لا يكفي في الحكم الشرعي بمجرده من دون مراجعة إلى الأدلة الشرعية فهو حق متين، إذ يمكن أن يكون في كلام الشارع ما يدل على تقديم أحدهما على الاخر لأهميته في نظر الشارع، وان أراد منه انه لا يكفي في اثبات الحكم ولو بعد المراجعة وعدم الظفر على ما يدل على تقديم أحدهما على الاخر مع احتماله وخفائه