التقييد ثابت حينئذ والشك إنما هو في المصداق من جهة اندراجه تحت المطلق أو المقيد ومن المعلوم ان اطلاق اللفظ لا يكفي في تعيين حال المصداق فان قلت نعم مجرد اطلاق اللفظ لا يوجب درج المصداق المشتبه تحت المطلق ولكن لا مانع من درجه تحته بمعونة استصحاب عدم المحرمية أزلا فاستصحاب العدم الأزلي يعين حال المصداق فيندرج تحت المطلق.
قلت إن كان المراد من استصحاب العدم الأزلي استصحاب الحالة السابقة فهو باطل لان الحالة السابقة هي انتفاء الموضوع لا انتفاء المحمول عن الموضوع والحالة اللاحقة المشكوكة هي اتصاف الموضوع الموجود في الخارج بالمحرمية وعدمها وليس له حالة سابقة حتى تستصحب.
وما توهم من أنه ان اخذ عدم المحرمية من قبيل العدم النعتي لا يجرى فيه الاستصحاب لانتفاء الحالة السابقة وان اخذ من قبيل العدم المحمولي يجرى فيه الاستصحاب وهم لان سلب المحرمية عن المصداق سواء اخذ على وجه التقييد أو على وجه الحمل لم يكن له حالة سابقة وإن كان الغرض منه الاخذ بمقتضى العدم الأزلي من حيث اقتضائه البقاء على حاله ما لم يثبت علة الوجود فهو عين ما بيناه من الركون إلى المقتضى المعلوم وعدم الاعتداد باحتمال المانع.
والحاصل ان ارجاع هذا الفرع ونحوه إلى استصحاب الحالة السابقة غير معقول وما ذكر في ارجاعه إلى استصحاب الحالة السابقة لا يرجع إلى محصل مع أنه ان قلنا بان مرجع التقييد حينئذ إلى أن القيد مانع ويكون المطلق باقيا على اطلاقه في مرحلة الاقتضاء لعدم المنافاة بين سريان حكم المطلق في جميع افراده اقتضاءا وعدم ترتب اثر عليه فعلا لوجود المانع فهو اعتراف بما بيناه واخترناه. وان قلنا بان المقيد موضوع لحكم التحريم ابتداءا ولا يسرى فيه حكم المطلق حتى على وجه الاقتضاء كما هو مختاره و زعمه فالمطلق حينئذ لا يكون باقيا على اطلاقه والا لزم اجتماع حكمين متضادين على موضوع واحد فلا محالة يكون المطلق مقيدا بغير مورد