الخروج فقال له فخرج فان المولى حانث لأنه لم يأذن وإنما أمر فلانا بالاذن ولو قال المولى لعبده بعد يمينه ما أمرك به فلان فقد أمرتك به فأمره الرجل بالخروج فخرج فالمولى حانث لان المقصود من هذا انه لا يخرج الا برضاه فإذا قال ما أمرك به فلان فقد أمرتك به فهو لا يعلم أن فلانا يأمره بالخروج والرضا بالشئ بدون العلم به لا يتصور فلم يعلم كون هذا الخروج مرضيا به فلم يعلم كونه مستثنى فبقي تحت المستثنى منه ولو قال المولى للرجل قد أذنت له في الخروج فأخبر الرجل به العبد لم يحنث المولى لان الاذن من المولى قد وجد الا انه لم يبلغ فإذا أخبره به فقد بلغه فلا يحنث ولو قال لامرأته ان خرجت الا باذني ثم قال لها ان بعت خادمك فقد أذنت لك لم يكن منه هذا اذنا لأنه مخاطرة يجوز أن تبيع ويجوز أن لا تبيع فلا يعد ذلك رضا وقال ابن سماعة عن أبي يوسف إذا قال لها ان خرجت الا بأمري فالامر على أن يأمرها ويسمعها أو يرسل بذلك رسوله إليها فان أشهد قوما انه قد أمرها ثم خرجت فهو حانث فقد فرق أبو يوسف بين الامر وبين الاذن حيث لم يشترط في الاذن اسماعها وإرسال الرسول به وشرط ذلك في الامر ووجه الفرق له ان حكم الامر لا يتوجه على المأمور بدون العلم به كما في أمر الشرع والمقصور من الاذن هو الرضا وهو ان لا تخرج مع كراهته وهذا يحصل بنفس الاذن بدون العلم به قال محمد ولو غضبت وتهيأت للخروج فقال دعوها تخرج ولا نية له فلا يكون هذا اذنا الا ان ينوى الاذن لان قوله دعوها ليس باذن نصا بل هو أمر بترك التعرض لها وذلك بان لا تمنع من الخروج أو بتخلية سبيلها فلا يحصل اذنا بدون النية ولو قال لها في غضبه أخرجي ولا نية له كان على الاذن لأنه نص على الامر الا أن ينوى به أخرجي حتى تطلقي فيكون تهديدا والامر يحتمل التهديد كما في أمر الشرع قال الله تعالى اعملوا ما شئتم فإذا نوى التهديد وفيه تشديد عليه صحت نيته ولو قال عبده حر ان دخل هذه الدار الا ان نسي فدخلها ناسيا ثم دخل بعد ذلك ذاكرا لم يحنث وهذا على ما ذكرناه من قول العامة في قوله أنت طالق ان خرجت من هذه الدار الا ان آذن لك أن قوله الا أن لانتهاء الغاية بمنزلة قوله حتى فلما دخلها ناسيا فقد انتهت اليمين فلا يتصور الحنث بدخول هذه الدار بهذه اليمين بحال ولو قال إن دخل هذه الدار الا ناسيا فدخلها ناسيا ثم دخلها ذاكرا حنث لأنه عقد يمينه على كل دخول وحظر على نفسه ومنعها منه واستثنى منه دخولا بصفة وهو أنه يكون عن نسيان فبقي ما سواه داخلا تحت اليمين فيحنث به قال ابن سماعة عن محمد في رجل قال عبدي حر ان دخلت هذه الدار دخلة الا ان يأمرني فلان فأمره فلان مرة واحدة فإنه لا يحنث ان دخل هذه الدخلة ولا بعدها وقد سقطت اليمين وهذا على أن الامر واحد لما ذكرنا ان الا ان لانتهاء الغاية كحتى فإذا وجد الامر مرة واحدة انحلت اليمين ولو قال إن دخلت هذه الدار دخلة الا ان يأمرني بها فلان فأمره فدخل ثم دخل بعد ذلك بغير أمره فإنه يحنث ولا بد ههنا من الامر في كل مرة لأنه وصل الامر بالدخلة بحرف الوصل وهي حرف الباء فلا بعد من الامر في كل دخلة كما لو قال الا بأمر فلان قال هشام عن محمد في رجل حلف لا تخرج امرأته الا بعلمه فأذن لها أن تخرج فخرجت بعد ذلك وهو لا يعلم فهو جائز لان قوله الا بعلمي أي الا باذني وقد خرجت فكان خروجا مستثنى فلا يحنث وإذا حلف رجل على زوجته أو مولى على عبده أن لا يخرج من داره الا باذنه أو سلطان حلف رجلا أن لا يخرج من كورة الا باذنه ثم بانت المرأة من الزوج أو خرج العبد من ملك المولى أو عز السلطان عن عمله فكان الخروج بغير اذن من واحد منهم فلا حنث على الحالف وتقع اليمين على الحال التي يملك الحالف فيها الاذن فان زالت تلك الحالة سقطت اليمين وإنما كان كذلك لان غرض المستحلف من ذلك تنفيذ ولايته وهو ان لا يخرج من له عليه ولاية الا بأمره فيتقيد بحال قيام الولاية فإذا زالت اليمين فأعادت المرأة إلى ملك الزوج أو العبد إلى ملك المولى أو أعيد السلطان إلى ولايته لا تعد اليمين لأنها قد سقطت لما بينا فلا تحتمل العود وكذلك الغريم إذا حلف المطلوب ان لا يخرج من بلده الا باذنه فاليمين مقيدة بحال قيام الدين فان قضاه المطلوب أو أبرأ الطالب سقطت اليمين فان عاد عليه ذلك الدين أو غيره لم تعد اليمين لان غرض المستحلف ان لا يخرج لأجل ذلك الدين الذي له عليه وقت الحلف فإذا أسقط ذلك
(٤٦)