على ما يتزوج في الوقت سواء كان قبل الكلام أو بعده كذا ذكر محمد في الجامع لأنه لما قال كل امرأة أتزوجها إلى سنة فلا بد وأن يكون للتوقيت فائدة فلو اختصت اليمين بما يتزوج قبل الكلام بطل معنى التوقيت فيصير الكلام شرطا لوقوع الطلاق المعلق بالتزوج ولو بدأ بالكلام فقال إن كلمت فلانا فكل امرأة أتزوجها إلى سنة فهي طالق فهذا يقع على ما بعد الكلام والتوقيت وعدم التوقيت فيه سواء لأنه لما بدأ بالكلام فقد جعل الكلام شرطه انعقاد اليمين فلا يدخل فيه المزوجة قبل الكلام ويكون فائدة التوقيت تخصيص العقد بمن تزوج في المدة دون ما بعدها والله عز وجل أعلم ولو عطف الحالف على يمينه بعد السكوت فالأصل فيه ما روى عن أبي يوسف أنه قال إذا عطف على يمينه بعد السكوت ما يوسع على نفسه لم يقبل قوله كما لا يقبل في الاستثناء بعد السكوت وان عطف بما شدد على نفسه جاز وإذا ثبت هذا الأصل فقال ابن سماعة سمعت أبا يوسف قال في رجل قال إن دخلت فلانة الدار فهي طالق ثم سكت سكتة ثم قال وهذه يعنى امرأة له أخرى فإنها تدخل في اليمين لان الواو للجمع فكأنه قال وهذه طالق ان دخلت تلك الدار وفي هذا تشديد على نفسه وكذلك ان قال إن دخلت هذه الدار لأنه عطف على الشرط وفيه تشديد لان هذا يقتضى وقوع الطلاق على الأولى بدخول كل واحدة من الدارين وفي هذا تشديد على نفسه وكذلك لو نجز فقال هذه طالق ثم سكت ثم قال وهذه طلقت الثانية لأنه جمع بينهما في الايقاع وهذا تشديد على نفسه ولو قال لامرأته أنت طالق ان دخلت الدار ثم سكت ثم قال وهذه يعنى دارا أخرى فليس له ذلك فان دخلت الأولى طلقت لان قوله وهذه يعنى دارا أخرى يقتضى زيادة في شرط اليمين الأولى لأنه إذا علق الطلاق بدخول دارين لا يقع بإحداهما وهو لا يملك تغيير شرط اليمين بعد السكوت ولان في هذا توسيعا على نفسه فلا يجوز بعد السكوت كالاستثناء والله عز وجل أعلم (وأما) بيان أعيان الشروط التي تعلق بها الطلاق والعتاق فالشروط التي تعلق بها الطلاق والعتاق لا سبيل إلى حصرها لكثرتها لتعلقها باختيار الفاعل فنذكر القدر الذي ذكره أصحابنا في كتبهم والمذكور من الشروط في كتبهم نوعان أفعال حسية وأمور شرعية أما النوع الأول فالدخول والخروج والكلام والاظهار والافشاء والاعلام والكتم والاسرار والاخفاء والبشارة والقراءة ونحوها والأكل والشرب والذوق والغداء والعشاء واللبس والسكنى والمساكنة والايواء والبيتوتة والاستخدام والمعرفة وقبض الحق والاقتضاء والهدم والضرب والقتل وغيرها والنوع الثاني وهو الحلف على أمور شرعية وما يقع منها على الصحيح والفاسد وعلى الصحيح دون الفاسد كالعطية والهبة والكسوة والركوب والجلوس والصدقة والإعارة والقرض والبيع والإجارة والشراء والتزوج والصلاة والصوم وأشياء أخر متفرقة نجمعها في فصل واحد في آخر الكتاب والأصل في هذه الشروط ان يراعى فيها لفظ الحالف في دلالته على المعنى لغة وما يقتضيه من الاطلاق والتقييد والتعميم والتخصيص الا أن يكون معاني كلام الناس بخلافه فيحمل اللفظ عليه ويكون ذلك حقيقة عرفية وانها تقضى على الحقيقة الوضعية والأصل فيه ما روى أن رجلا جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما وقال إن صاحبا لنا مات وأوصى ببدنة أفتجزي عنه البقرة فقال ابن عباس رضي الله عنهما ممن صاحبكم فقال السائل من بنى رباح فقال ابن عباس رضي الله عنهما متى اقتنت بنو رباح البقر إنما البقر للأزد وذهب وهم صاحبكم إلى الإبل فهذا الحديث أصل أصيل في حمل مطلق الكلام على ما يذهب إليه أوهام الناس ولان العرف وضع طارئ على الوضع الأصلي والاصطلاح جار من أهل اللغة فالظاهر أن المتكلم يقصد بكلامه ذلك فيحمل عليه مطلق اللفظ وبهذا يبطل قول الشافعي ان الايمان محمولة على الحقائق يؤيد ما قلنا إن الغريم يقول لغريمه والله لأجرنك في الشوك يريد به شدة المطل دون الحقيقة وقول مالك الايمان محمولة على ألفاظ القرآن غير سديد أيضا بدليل ان من حلف لا يجلس في سراج فجلس في الشمس لا يحنث وان سمى الله تعالى الشمس سراجا بقوله عز وجل وجعلنا الشمس سراجا وكذا من حلف لا يجلس على بساط فجلس على الأرض لا يحنث وان سماها الله سبحانه وتعالى في القرآن العظيم بساطا بقوله عز وجل والله الذي
(٣٥)