من اثبات الأصل بلا شك فكان هذا أولى على أن فيما قاله اضمار شيئين أحدهما الباء والآخر الجالب للباء وهو قوله الا خروجا وليس فيما ذهبنا إليه ادراج شئ بل إقامة ما فيه معنى الغاية مقام الغاية ولا شك ان هذا أدون فكان التصحيح به أولى ولهذا كان معنى قوله تعالى لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم الا أن تقطع قلوبهم أي إلى أن تقطع قلوبهم والله عز وجل أعلم أي إلى وقت تقطع قلوبهم وهو حالة الموت وفي قوله عز وجل الا أن يؤذن لكم إنما احتيج إلى الاذن في كل مرة لا بمقتضى اللفظ بل بدليل آخر وهو أن دخول دار الغير بغير إذنه حرام الا يرى أنه قال عز وجل في آخر قوله تعالى ان ذلكم كان يؤذى النبي ومعنى الأذى موجود في كل ساعة فشرط الاذن في كل مرة والله عز وجل أعلم فان قال الا باذن فلان فمات المحلوف على اذنه بطلت اليمين عن أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف هي على حالها وهذا فرع اختلافهم فيمن حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز وليس في الكوز ماء انه لا تنعقد اليمين في قول أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف تنعقد بناء على أصل ذكرناه فيما تقدم ان تصور وجود المحلوف عليه حقيقة في المستقبل شرط انعقاد اليمين وبقاؤه متصور الوجود حقيقة شرط بقاء اليمين عندهما وعنده ليس بشرط فان أذن لها بالخروج من حيث لا تسمع فخرجت بغير الاذن يحنث عند أبي حنيفة ومحمد ولا يحنث عند أبي يوسف وجه قوله إن الاذن يتعلق بالاذن لأنه كلامه وقد وجد فاما السماع فإنما يتعلق بالمأذون فلا يعتبر لوجود الاذن كما لو وقع الاذن بحيث يجوز ان تسمع وهي نائمة لأنه كلامه ولان شرط الحنث خروج غير مأذون فيه مطلقا وهذا مأذون فيه من وجه لوجود كلام الاذن فلم يوجد شرط الحنث ولان المقصود من الاذن أن لا تخرج وهو كاره وقد زالت الكراهة بقوله أذنت وان لم تسمع ولهما ان الاذن اعلام قال الله تعالى وأذان من الله ورسوله أي اعلام وقوله أذنت لك بحيث لا تسمع لا يكون اعلاما فلا يكون اذنا فلم يوجد خروج مأذون فيه فلم يوجد الخروج المستثنى فيحنث ولأن هذه اليمين اشتملت على الحظر والاطلاق فان قوله إن خرجت من هذه الدار يجرى مجرى الحظر والمنع وقوله الا باذني يجرى مجرى الاطلاق وحكم الحظر والاطلاق من الشارع والشرائع لا تثبت بدون البلوغ كذا من الحالف الا ترى انه قيل في قوله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات انه نزل في قوم شربوا الخمر بعد نزول تحريم الخمر قبل علمهم به وذكر محمد في الزيادات أن الوكيل لا يصير وكيلا قبل علمه بالوكالة حتى يقف تصرفه على إجازة الموكل والتوكيل اذن واطلاق ولهما أن الاذن اعلام قال الله تعالى واذان من الله ورسوله أي اعلام وقوله أذنت لك بحيث لا تسمع لا يكون اعلاما فلا يكون اذنا فلم يوجد خروج مأذون فيه فلم يوجد الخروج المستثنى فيحنث ولان الخروج مذكور في محل النفي فيعم كل خروج الا الخروج المستثنى وهو الخروج المأذون فيه مطلقا وهو أن يكون مأذونا فيه من كل وجه ولم يوجد فلم يكن هذا خروجا مستثنى فبقي داخلا تحت عموم الخروج فيحنث بخلاف ما إذا ما كانت نائمة فاذن لها بحيث يجوز ان تسمع لان مثل هذا يعد سماعا عرفا وعادة كما إذا أذن لها وهي تسمع الا انها غافلة ومسئلتنا مفروضة فيما إذا اذن لها من حيث لا تسمع عادة ومثل هذا لا يعد سماعا في العرف فهو الفرق بين الفصلين وقيل إن النائم يسمع لان ذلك بوصول الصوت إلى صماخ أذنه والنوم لا يمنع منه وإنما يمنع من فهم المسموع فصار كما لو كلمه وهو يقظان لكنه غافل وحكى ابن شجاع انه لا خلاف في هذه المسألة انه لا يحنث لأنه قد عقد على نفسه بالاذن وقد أذن قال وإنما الخلاف بينهم في الامر وروى نصر بن يحيى عن أبي مطيع عن أبي حنيفة مثل قول أبى يوسف الا ان أبا سليمان حكى الخلاف في الاذن والله عز وجل أعلم وقال ابن سماعة عن محمد ولو أن رجلا قال لعبده ان خرجت من هذه الدار الا باذني فأنت حر ثم قال له أطع فلانا في جميع ما يأمرك به فأمره فلان بالخروج فخرج فالمولى حانث لوجود شرط الحنث وهو الخروج بغير اذن المولى لان المولى لم يأذن له بالخروج وإنما أمره بطاعة فلان وكذلك لو قال المولى لرجل إئذن له في الخروج فاذن له الرجل فخرج لأنه لم يأذن له بالخروج وإنما أمر فلانا بالاذن وكذلك لو قال له قل يا فلان مولاك قد أذن لك في
(٤٥)