فيصدق ثم في قوله الا باذني لو أراد الخروج لا يحنث وتقدر المرأة على الخروج في كل وقت من غير حنث فالحيلة فيه أن يقول الزوج لها أذنت لك أبدا أو أذنت لك الدهر كله أو كلما شئت الخروج فقد أذنت لك وكذلك لو قال لها أذنت لك عشرة أيام فدخلت مرارا في العشرة لا يحنث فلو أنه أذن لها اذنا عاما ثم نهاها عن الخروج هل يعمل نهيه قال محمد يعمل نهيه ويبطل اذنه حتى أنها لو خرجت بعد ذلك بغير اذنه يحنث وقال أبو يوسف لا يعمل فيه نهيه ورجوعه عن الاذن (وجه) قول محمد انه لو أذن لها مرة ثم نهاها صح نهيه حتى لو خرجت بعد النهى يحنث فكذا إذا أذن لها في كل مرة وجب أن يعمل نهيه ويرتفع الاذن بالنهي (وجه) قول أبى يوسف ان الاذن الموجود على طريق العموم في الخرجات كلها مما يبطل الشرط لان الشرط وقوع الطلاق الخروج الذي ليس بموصوف بكونه ملتصقا بالاذن وهذا لا يتصور بعد الاذن العام لان كل خروج يوجد بعده لا يوجد الا ملتصقا بالاذن فخرج الشرط من أن يكون متصور الوجود ولا بقاء لليمين بدون الشرط كما لا بقاء لها بدون الجزاء لأنها تتركب من الشرط والجزاء فلم يبق اليمين فوجد النهى العام ولا يمين فلم يعمل بخلاف الاذن الخاص بمرة واحدة ثم النهي عنها لان هناك بالاذن بالخروج مرة لم ترتفع اليمين فجاء النهي واليمين باقية فصح النهى وأما المسألة الثانية فجوابها ان ذلك على الاذن مرة واحدة حتى لو أذن لها مرة فخرجت ثم عادة ثم خرجت بغير اذن لا يحنث وكذا إذا أذن لها مرة ثم نهاها قبل ان تخرج ثم خرجت بعد ذلك لا يحنث لان كلمة حتى كلمة غاية وهي بمعنى إلى وكلمة إلى كلمة انتهاء الغاية فكذا كلمة حتى ألا ترى انه لا فرق بين قوله حتى آذن وبين قوله إلى أن آذن ومعنى قوله حتى أن آذن وكلمة ان مضمرة لان حتى لما كانت من عوامل الأسماء وما كان من عوامل الأسماء لا يدخل الافعال البتة فلم يكن بد من اضمار ان لتصير هي بالفعل الذي هو صلتها بمنزلة المصدر تقول أحب أن تقوم أي أحب قيامك فيكون قوله حتى آذن أي حتى اذني وهو قوله إلى اذني ولهذا أدخلوا كلمة ان بعد إلى فقالوا إلى أن آذن الا ان هناك اعتادوا الاظهار مع إلى وههنا مع حتى اعتادوا الاضمار وإذا كان كذلك صار وجود الاذن منه غاية لحظر الخروج والمضروب له الغاية ينتهى عند وجود الغاية فينتهي حظر الخروج ومنع باليمين عند وجود الاذن مرة واحدة بخلاف الأول فان أراد بقوله حتى آذن في كل مرة فهو على ما نوى في قولهم جميعا ويجعل حتى مجازا عن إلى لوجود معنى الانتهاء في الاستثناء على ما بينا وفيه تشديد على نفسه فيصدق (وأما) المسألة الثالثة فلا يجوز فيها فالجواب في قوله حتى آذن في قول العامة وقال الفراء الجواب فيها كالجواب في قوله الا باذني وجه قوله إن كلمة الاستثناء فلا بد من تقديم المستثنى منه عليها وتأخير المستثنى عنها وان مع الفعل المستقبل بمنزلة المصدر على ما مر فصار تقدير الكلام ان خرجت من الدار الا خروجا باذني وهذا ليس بكلام مستقيم فلابد من ادراج حتى يصح الكلام فندرج الباء ويجعل معناه الا خروجا باذني واسقاط الباء في اللفظ مع ثبوتها في التقدير جائز في اللغة كما روى عن رؤبة بن العجاج انه قيل له كيف أصبحت فقال خير عافاك الله أي بخير وكذا يحذفون الباء في القسم فيقولون الله مكان قولهم بالله وإنما اختلفوا في الخفض والنصب وإذا كان هذا جائز أدرجت لضرورة تصحيح الكلام والدليل عليه قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم أي الا باذن لكم حتى كان محتاجا إلى الاذن في كل مرة فكذا فيما نحن فيه ولنا ان هذا الكلام لما لم يكن بنفسه صحيحا لما قاله الفراء ولا بد من القول بتصحيحه ولكن تصحيحه على التقدير الذي قاله الفراء وأمكن تصحيحه أيضا بجعله الا بمعنى حتى والى لان كلمة الا كلمة استثناء وما وراء كلمة الاستثناء وهو المستثنى منه ينتهى عند كلمة الاستثناء وعند وجود المستثنى فصارت كلمة الاستثناء على هذا التقدير للغاية فأقيم مقام الغاية فصار كأنه قال إن خرجت من هذه الدار إلى اذني أو حتى اذني وهذا أولى مما قاله الفراء لان تصحيح الكلام بجعل كلمة قائمة مقام أخرى أولى من التصحيح بطريق الاضمار لان جعل الكملة مقام أخرى وإن كان فيه ضرب تغيير لكن التغيير تصرف في الوصف والاضمار اثبات أصل الكلام والتصرف في الوصف بالتغيير والتبديل أولى
(٤٤)