بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ٥٧
الروايتين عن محمد ان اطلاق اسم الطعام لا يتناوله لأنه لا يسمى طعاما عرفا وعادة لأنه لا يؤكل عادة ومبنى الايمان على معاني كلام الناس وروى عن أبي يوسف في رجل حلف لا يأكل حراما فاضطر إلى ميتة فاكلها قال لا يحنث وروى عنه انه حانث في يمينه واثمه موضوع وجه هذه الرواية ان الميتة محرمة والرخصة أثرها في تغيير الحكم وهو المؤاخذة لا في تغيير وصف الفعل وهو الحرمة كالمكره على أكل مال الغير وجه الرواية الأولى وهي الصحيحة ان الميتة حال المخمصة مباحة مطلقا لا حظر فيها بوجه في حق المضطر وأثر الرخصة في تغيير الحكم والوصف جميعا بدليل انه لو امتنع حتى مات يؤاخذ به ولو بقيت الحرمة لم تثبت المؤاخذة كما لو امتنع من تناول مال الغير حالة المخمصة أو الاكراه وقال خلف ابن أيوب سألت أسد بن عمر رضي الله عنهما في رجل حلف لا يأكل حراما فأكل لحم قرد أو كلب أو حدأة أو غراب قال لا يحنث الا أن يعنى ذلك فيحنث لان مطلق الحرام هو ما تثبت حرمته بدليل مقطوع به وحرمة هذه الأشياء محل الاجتهاد وقال خلف بن أيوب سألت الحسن فقال هذا كله حرام لقيام دليل الحرمة فيها وان لم يكن مقطوعا به وروى المعلى عن أبي يوسف ومحمد فيمن حلف لا يركب حراما قال هذا على الزنا لان الحرام المطلق ينصرف إلى الحرام لعينه وهو الزنا ولأنه يراد به الزنا في العرف فينصرف إليه وقال محمد فإن كان الحالف خصيا أو مجبوبا فهو على القبلة الحرام وما أشبهها وقال ابن سماعة عن أبي يوسف فيمن حلف لا يطأ امرأة وطأ حراما فوطئ امرأته وقد ظاهر منها أو وهي حائض قال لا يحنث الا أن ينوى ذلك لان الحرمة تثبت بعارض الحيض والظهار ومطلتي التحريم لا يقع على التحريم العارض وقال ابن رستم عن محمد فيمن حلف لا يأكل حراما فاشترى بدرهم غصبه من إنسان طعاما فاكله لم يحنث لان مطلق اسم الحرام إنما يقع على ما كانت حرمته لحق الله تعالى وحرمة هذا لحق العبد ولو غصب خبزا أو لحما فاكله يحنث بعرف الناس ولو حلف لا يأكل من طعام اشتراه فلان فأكل من طعام اشتراه مع آخر حنث الا أن يكون نوى شراءه وحده وكذلك لو حلف لا يأكل من طعام ملكه فلان لان بعض الطعام طعام حقيقة ويسمى طعاما عرفا أيضا بخلاف ما إذا حلف لا يدخل دار فلان فدخل دارا بينه وبين آخر انه لا يحنث لان بعض الدار لا يسمى دارا وكذلك لو حلف لا يلبس ثوبا يملكه فلان أو يشتريه فلان فلبس ثوبا اشتراه فلان مع آخر لا يحنث لان بعض الثوب لا يسمى ثوبا ولو حلف لا يأكل إداما فالإدام كل ما يضطبع به مع الخبز عادة كاللبن والزيت والمرق والخل والعسل ونحو ذلك وما لا يضطبع به فليس بادام مثل اللحم والشوي والجبن والبيض وهذا قول أبي حنيفة واحدى الروايتين عن أبي يوسف وقال محمد وهو أحد الروايتين عن أبي يوسف ان كل ما يؤكل بالخبز فهو إدام مثل اللحم والشوي والبيض والجبن وروى ابن سماعة عن أبي يوسف ان الجوز اليابس إدام واحتج محمد بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال سيد إدام أهل الجنة اللحم وسيد رياحين أهل الجنة الفاغية وهي ورد الحناء وهذا نص ولان الادام من الائتدام وهو الموافقة قال النبي صلى الله عليه وسلم لمغيرة حين أراد أن يتزوج امرأة لو نظرت إليها لكان أحرى ان يؤدم بينكما أي يكون بينكما الموافقة ومعنى الموافقة بين الخبز وبين هذه الأشياء في الاكل ظاهر فكانت إداما ولان الناس يأتدمون بها عرفا وعادة ولأبي حنيفة ان معنى الادام وهو الموافقة على الاطلاق والكمال لا يتحقق الا فيما لا يؤكل بنفسه مقصودا بل يؤكل تبعا لغيره عادة وأما ما يؤكل بنفسه مقصودا فلا يتحقق فيه معنى الموافقة وما لا يضطبع يؤكل بنفسه فيختل معنى الادام فيه واللحم ونحوه مما يؤكل بنفسه عادة مع ما ان من سكان البراري من لا يتغذى الا باللحم وبه تبين ان اطلاق اسم الادام عليه في الحديث على طريق المجاز والبطيخ ليس بادام في قولهم جميعا لأنه لا يحتمل الاضطباع به ولا يؤكل بالخبز عادة وكذا البقل ليس بادام في قولهم ألا ترى ان آكله لا يسمى مؤتدما وسئل محمد عن رجل حلف لا يأكل خبزا مأدوما فقال الخبز المأدوم الذي يثرد ثردا يعنى في المرق والخل وما أشبهه فقيل له فان ثرده في ماء أو ملح فلم ير ذلك مأدوما لان من أكل خبزا بماء لا يسمى مؤتدما في العرف وقال ابن سماعة عن أبي يوسف ان تسمية هذه الأشياء على ما يعرف أهل تلك البلاد في كلامهم ولو حلف لا يأكل
(٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248