الغد لأنه حلف على يوم منكر فلابد من استيفائه ولا يمكن استيفاؤه الا باتمامه من اليوم الثاني فيدخل الليل من طريق التبع وكذلك إذا حلف ليلا لا يكلمه ليلة فاليمين من تلك الساعة إلى أن يجئ مثلها من الليلة المقبلة ويدخل النهار الذي بينهما في ذلك لأنه حلف على ليلة منكرة فلابد من الاستيفاء منها وذلك فيما قلنا في بعض اليوم والله لا أكلمك اليوم فاليمين على باقي اليوم فإذا غربت الشمس سقطت اليمين وكذلك إذا قال بالليل والله لا أكلمك الليلة فإذا طلع الفجر سقطت لأنه حلف على زمان معين لأنه أدخل لام التعريف على اليوم والليلة فلا يتناول غير المعرف بخلاف قوله يوما لأنه ذكر اليوم منكرا فلابد من استيفائه وذلك من اليوم الثاني ولو حلف لا يكلمه شهرا يقع على ثلاثين يوما ولو قال الشهر يقع على بقية الشهر ولو حلف لا يكلمه السنة يقع على بقية السنة ولو قال والله لا أكلمك اليوم ولا غدا فاليمين على بقية اليوم وعلى غد ولا تدخل الليلة التي بينهما في اليمين روى ذلك ابن سماعة عن أبي يوسف ومحمد لأنه أفرد كل واحد من الوقتين بحرف النفي فيصير كل واحد منهما منفيا على الانفراد أصله قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فلا تدخل الليلة المتخللة بين الوقتين ولو قال والله لا أكلمك اليوم وغدا دخلت الليلة التي بين اليوم والغد في يمينه لأنه ههنا جمع بين الوقت الثاني وبين الأول بحرف الجمع وهو الواو فصار وقتا واحدا فدخلت الليلة المتخللة وروى بشر عن أبي يوسف ان الليلة لا تدخل لأنه عقد اليمين على النهار ولا ضرورة توجب ادخال الليل فلا يدخل ولو حلف لا يكلمه يومين تدخل فيه الليلة سواء كان قبل طلوع الفجر أو بعده وكذلك الجواب في الليل ولو قال والله لا أكلمك يوما ولا يومين فهو مثل قوله والله لا أكلمك ثلاثة أيام في قول أبي حنيفة ومحمد حتى لو كلمه في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث يحنث وكذلك روى بشر عن أبي يوسف هكذا ذكر الكرخي في مختصره وذكر محمد في الجامع انه على يومين حتى لو كلمه في اليوم الأول أو الثاني يحنث وان كلمه في اليوم الثالث لا يحنث وجه ما ذكره الكرخي ظاهر لأنه عطف اليومين على اليوم والمعطوف غير المعطوف عليه فاقتضى يومين آخرين غير الأول فصار كأنه قال والله لا أكلم فلانا يوما ويومين أو قال ثلاثة أيام وجه ما ذكره محمد في الجامع ان كل واحد منهما يمين مفردة لانفراد كل واحد منهما بكلمة النفي والواو للجمع بين اليمنين وصار تقدير أكلم فلانا يوما ولا أكلمه يومين لئلا تلغو كلمة النفي فصار لكل يمين مدة على حدة فصار على اليوم الأول يمينان وعلى اليوم الثاني يمين واحد بخلاف ما إذا قال والله لا أكلم فلانا يوما ويومين فكلمه في اليوم الثالث انه يحنث لأنه لما لم يعد كلمة النفي فلم يوجد ما يدل على أنه أراد نفى الكلام في كل مرة على حدة ليكون يمينين فبقي يمينا واحدة والواو للجمع بين المدتين كما لو جمع بين المدتين بكلمة الجمع فقال والله لا أكلم فلانا ثلاثة أيام والدليل على التفرقة بينهما انه لو قال والله لا أكلم زيدا ولا عمرا فكلم أحدهما يحنث ولو قال والله لا أكلم زيدا وعمرا فما لم يكلمها لا يحنث وقال بشر عن أبي يوسف لو قال والله لا أدخل الدار يوما ويوما فهو مثل حلفه على يومين قال أبو يوسف ولا يشبه هذا قوله ولا أدخلها اليوم وغدا لان قوله يوما ويوما عطف زمان منكر على زمان منكر فصار كقوله يومين فيدخل الليل وقوله اليوم وغدا عطف زمان معين على زمان معين ولا ضرورة إلى ادخال الليل فيه فلا يدخل ولو قال والله لا أكلم زيدا يوما والله لا أكلمه يومين والله لا أكلمه ثلاثة أيام فاليوم الأول من حين فرغ من اليمين الثالثة عليه ثلاثة أيام واليوم الثاني عليه يمينان الثانية والثالثة واليوم الثالث عليه يمين واحدة وهي الثالثة لان كل يمين ذكرها تختص بما يعقبها فانعقدت اليمين الأولى على الكلام في يوم عقيب اليمين والثانية في يومين عقيب اليمين والثالثة في ثلاثة أيام عقيب اليمين فانعقدت على الكلام في اليوم الأول ثلاثة أيمان وعلى الثاني يمينان وعلى الثالث واحدة ونظير هذه المسائل ما روى داود بن رشيد عن محمد فيمن قال والله لا أكلمك اليوم سنة أو لا أكلمك اليوم شهرا فعليه أن يدع كلامه في ذلك اليوم شهر أو في ذلك اليوم سنة حتى يكمل كلما دار ذلك اليوم في ذلك الشهر أو في تلك السنة لان اليوم الواحد يستحيل أن يكون شهرا أو سنة فلم يكن ذلك مراد الحالف فكان مراده أن لا يكلمه في مثله شهرا أو سنة فان قال لا أكلمك اليوم عشرة أيام وهو في يوم السبت فهذا على سبتين
(٤٩)