الكلام كثيرا فيما بين ابتدائه بذكر المنزل وبين المنزل وبين الحلف فانقطعت اليمين عنه وصارت يمينا مبتدأة فان نوى هذا الاتيان في المنزل دين فيما بينه وبين الله تعالى ولم يدين في القضاء لأنه يحتمله كلامه لكنه خلاف الظاهر ولو صلى الحالف خلف المحلوف عليه فسها الامام فسبح به الحالف أو فتح عليه بالقراءة لم يحنث لان هذا لا يسمى كلاما في العرف وإن كان كلاما في الحقيقة ألا ترى ان الكلام العرفي يبطل الصلاة وهذا لا يبطلها وقد قالوا فيمن حلف لا يتكلم فصلى ان القياس ان يحنث لان التكبير والقراءة حقيقة وفي الاستحسان لا يحنث لأنه لا يسمى كلاما عرفا ألا ترى انهم يقولون فلان لا يتكلم في صلاته وإن كان قد قرأ فيها ولو قرأ القرآن خارج الصلاة يحنث لأنه تكلم حقيقة وقيل هذا إذا كان الحالف من العرب فإن كان الحالف من العجم أو كان لسانه غير لسان العرب لا يحنث سواء قرأ في الصلاة أو خارج الصلاة لأنه لا يعد متكلما ولو سبح تسبيحه أو كبر أو هلل خارج الصلاة يحنث عندنا وعند الشافعي لا يحنث والصحيح قولنا لأنه وجد الكلام حقيقة الا أنا تركنا الحقيقة حالة الصلاة بالعرف ولا عرف خارج الصلاة وقيل هذا في عرفهم فاما في عرفنا فلا يحنث خارج الصلاة أيضا لأنه لا يسمى كلاما في الحالين جميعا ولو فتح عليه في غير الصلاة حنث لأنه كلام حقيقة الا انه ترك الحقيقة في الصلاة للعرف إن كان الامام هو الحالف والمحلوف عليه خلفه فسلم لم يحنث بالتسليمة الأولى وإن كان على يمينه ونواه لأنه في الصلاة وسلام الصلاة لا يعد كلاما كتكبيرها والقراءة فيها الا ترى انه لا يفسد الصلاة ولو كان من كلام الناس لكان مفسدا وإن كان على يساره فنواه اختلف المشايخ فيه قد قال بعضهم يحنث وقال بعضهم لا يحنث وإن كان المقتدى هو الحالف فكذلك في قول أبي حنيفة وأبى يوسف بناء على أن المقتدى لا يصير خارجا عن الصلاة بسلام الامام عندهما وعند محمد يحنث لأنه خارج عن صلاته بسلام الامام عنده فقد تكلم كلاما خارج الصلاة فيحنث ولو مر الحالف على جماعة فيهم المحلوف عليه فسلم عليهم حنث لأنه كلم جماعتهم بالسلام فان نوى القوم دونه لم يحنث فيما بينه وبين الله تعالى لان ذكر الكل على إرادة البعض جائز ولا يدين في القضاء لأنه خلاف الظاهر ولو نبه الحالف المحلوف عليه من النوم حنث وان لم ينتبه لان الصوت يصل إلى سمع النائم لكنه لا يفهم فصار كما لو كلمه وهو غافل ولان مثل هذا يسمى كلاما في العرف كتكلم الغافل فيحنث ولو دق عليه الباب فقال من هذا أو من أنت حنث لأنه كلمه بالاستفهام ولو كان في مكانين فدعاه أو كلمه فإن كان ذلك بحيث يسمع مثله أو أصغى فإنه يحنث وان لم يسمعه وإن كان في موضع لا يسمع في مثله عادة فان أصغى إليه لبعد ما بينهما لم يحنث لان الموضع إذا كان قريبا بحيث يسمع مثله عادة يسمى مكلما إياه لما ذكرناه وان لم يسمع لعارض وليس كذلك إذا كان بعيدا ولأنه إذا كان قريبا يحمل على أنه وصل الصوت إلى سمعه لكنه لم يفهمه فأشبه الغافل وإذا كان بعيدا لا يصل إليه رأسا وقالوا فيمن حلف لا يكلم انسانا فكلم غيره وهو يقصد أن يسمعه لم يحنث لان مثل هذا لا يسمى مكلما إياه إذا لم يقصده بالكلام ولو حلف لا يكلم امرأته فدخل داره وليس فيها غيرها فقال من وضع هذا أو أين هذا حنث لأنه كلمها حيث استفهم وليس هناك غيرها لئلا يكون لاغيا فإن كان في الدار غيرها لم يحنث لجواز انه استفهم غيرها فان قال ليت شعري من وضع هذا لم يحنث لأنه لم يكلمها وإنما كلم نفسه ولو حلف لا يكلم فلانا فكتب إليه كتابا فانتهى الكتاب إليه أو أرسل إليه رسولا فبلغ الرسالة إليه لا يحنث لان الكتابة لا تسمى كلاما وكذا الرسالة (وأما) الموقت فنوعان معين ومبهم (أما) المعين فنحوان يحلف الرجل بالليل لا يكلم فلانا يوما فيحنث بكلامه من حيث حلف إلى أن تغيب الشمس من الغد فيدخل في يمينه بقية الليل حتى لو كلمه فيما بقي من الليل أو في الغد يحنث لان قوله لا أكلم فلانا يقع على الأبد ويقتضي منع نفسه عن كلام فلا أبدا لولا قوله يوما فكان قوله يوما لاخراج ما وراءه عن اليمين فيبقى زمان ما بعد اليمين بلا فصل داخلا تحتها فيدخل فيها بقية تلك الليلة لو حلف بالنهار لا يكلمه ليلة انه يحنث بكلامه من حين حلف إلى طلوع الفجر لما قلنا ولو حلف في بعض النهار لا يكلمه يوما فاليمين على بقية اليوم والليلة المستقبلة إلى مثل تلك الساعة التي حلف فيها من
(٤٨)