بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٩٤
النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها أي أيام حيضها إذ أيام الحيض هي التي تدع الصلاة فيها لا أيام الطهر وأما في الطهر فلما روينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما ان من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل قرء تطليقة أي طهر وإذا كان الاسم حقيقة لكل واحد منهما على سبيل الاشتراك فيقع الكلام في الترجيح احتج الشافعي بقوله تعالى فطلقوهن لعدتهن وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم العدة بالطهر في ذلك الحديث حيث قال فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء فدل أن العدة بالطهر لا بالحيض ولأنه أدخل الهاء في الثلاثة بقوله عز وجل ثلاثة قروء وإنما تدخل الهاء في جمع المذكر لا في جمع المؤنث يقال ثلاثة رجال وثلاث نسوة والحيض مؤنث والطهر مذكر فدل أن المراد منها الأطهار ولأنكم لو حملتم القرء المذكور على الحيض للزمكم المناقضة لأنكم قلتم في المطلقة إذا كانت أيامها دون العشرة فانقطع دمها انه لا تنقضي عدتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة فقد جعلتم العدة بالطهر وهذا تناقض (ولنا) الكتاب والسنة والمعقول أما الكتاب الكريم فقوله تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء أمر الله تعالى بالاعتداد بثلاثة قروء ولو حمل القرء على الطهر لكان الاعتداد بطهرين وبعض الثالث لان بقية الطهر الذي صادفه الطلاق محسوب من الأقراء عنده والثلاثة اسم لعدد مخصوص والاسم الموضوع لعدد لا يقع على ما دونه فيكون ترك العمل بالكتاب ولو حملناه على الحيض يكون الاعتداد بثلاث حيض كوامل لان ما بقي من الطهر غير محسوب من العدة عندنا فيكون عملا بالكتاب فكان الحمل على ما قلنا أولى ولا يلزم قوله تعالى الحج أشهر معلومات انه ذكر الأشهر والمراد منه شهران وبعض الثالث فكذا القروء جائز أن يراد بها القرآن وبعض الثالث لان الأشهر اسم جمع لا اسم عدد واسم الجمع جاز أن يذكر ويراد به بعض ما ينتظمه مجازا ولا يجوز أن يذكر الاسم الموضوع لعدد محصور ويراد به ما دونه لا حقيقة ولا مجازا ألا ترى انه لا يجوز أن يقال رأيت ثلاثة رجال ويراد به رجلان وجاز أن يقال رأيت رجالا ويراد به رجلان مع ما ان هذا إن كان في حد الجواز فلا شك انه بطريق المجاز ولا يجوز العدول عن الحقيقة من غير دليل إذ الحقيقة هي الأصل في حق الأحكام للعمل بها وإن كان في حق الاعتقاد يجب التوقف لمعارضة المجاز الحقيقة في الاستعمال وفي باب الحج قام دليل المجاز وقوله عز وجل واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر جعل سبحانه وتعالى الأشهر بدلا عن الأقراء عند اليأس عن الحيض والمبدل هو الذي يشترط عدمه لجواز إقامة البدل مقامه فدل ان المبدل هو الحيض فكان هو المراد من القرء المذكور في الآية كما في قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا لما شرط عدم الماء عند ذكر البدل وهو التيمم دل ان التيمم بدل عن الماء فكان المراد منه الغسل المذكور في آية الوضوء وهو الغسل بالماء كذا ههنا وأما السنة فما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال طلاق الأمة ثنتان وعدتها حيضتان ومعلوم انه لا تفاوت بين الحرة والأمة في العدة فيما يقع به الانقضاء إذ الرق أثره في تنقيص العدة التي تكون في حق الحرة لا في تغيير أصل العدة فدل ان أصل ما تنقضي به العدة هو الحيض وأما المعقول فهو ان هذه العدة وجبت للتعرف عن براءة الرحم والعلم ببراءة الرحم يحصل بالحيض لا بالطهر فكان الاعتداد بالحيض لا بالطهر وأما الآية الكريمة فالمراد من العدة المذكورة فيها عدة الطلاق والنبي صلى الله عليه وسلم جعل الطهر عدة الطلاق ألا ترى أنه قال فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء والكلام في العدة عن الطلاق انها ما هي وليس في الآية بيانها وأما قوله أدخل الهاء في الثلاثة فنعم لكن هذا لا يدل على أن المراد هو الطهر من القروء لان اللغة لا تمنع من تسمية شئ واحد باسم التذكير والتأنيث كالبر والحنطة فيقال هذا البر وهذه الحنطة وإن كانت البر والحنطة شيئا واحدا فكذا القرء والحيض أسماء للدم والمعتاد واحد الاسمين مذكر وهو القرء فيقال ثلاثة قروء والاخر مؤنث وهو الحيض فيقال ثلاث حيض ودعوى التناقض ممنوعة فان في تلك الصورة الحيض باق وإن كان الدم منقطعا لان انقطاع الدم لا ينافي الحيض بالاجماع لان
(١٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248