في الطلاق لا في الوفاة بقوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن لأنه معطوف على قوله عز وجل واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وذلك بناء على قوله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فكان المراد من قوله واللائي لم يحضن المطلقات ولان في الاعتداد بأبعد الأجلين جمعا بين الآيتين بالقدر الممكن لان فيه عملا بآية عدة الحبل إن كان أجل تلك العدة أبعد وعملا بآية عدة الوفاة إن كان أجلها أبعد فكان عملا بهما جميعا بقدر الامكان وفيما قلتم عمل بإحداهما وترك العمل بالأخرى أصلا فكان ما قلنا أولى ولعامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن من غير فصل بين المطلقة والمتوفى عنها زوجها وقوله هذا بناء على قوله واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ممنوع بل هو ابتداء خطاب وفي الآية الكريمة ما يدل عليه فإنه قال إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ومعلوم أنه لا يقع الارتياب فيمن يحتمل القرء وذلك لان الأشهر في الآيسات إنما أقيمت مقام الأقراء في ذوات الحيض وإذا كانت الحامل ممن تحيض لم يجز أن يقع لها شك في عدتها ليسألوا عن عدتها وإذا كان كذلك ثبت أنه خطاب مبتدأ إذا كان خطابا مبتدأ تناول العدد كلها وقوله الاعتداد بأبعد الأجلين عمل بالآيتين بقدر الامكان فيقام إنما يعمل بهما إذا لم يثبت نسخ إحداهما بالتقدم والتأخر أو لم يكن إحداهما أولى بالعمل بها وقد قيل إن آية وضع الحمل آخرهما نزولا بما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال من شاء باهلته أن قوله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن نزل بعد قوله أربعة أشهر وعشرا فأما نسخ الأشهر بوضع الحمل إذا كان بين نزول الآيتين زمان يصلح للنسخ فينسخ الخاص المتقدم بالعام المتأخر كما هو مذهب مشايخنا بالعراق ولا يبنى العام على الخاص أو يعمل بالنص العام بعمومه ويتوقف في حق الاعتقاد في التخريج على التناسخ كما هو مذهب مشايخنا بسمرقند ولا يبنى العام على الخاص على ما عرف في أصول الفقه وروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله حين نزول قوله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن أنها في المطلقة أم في المتوفى عنها زوجها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما جميعا وقد روت أم سلمة رضي الله عنها أن سبيعة بين الحارث الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها ببضع وعشرين ليلة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج وروى أيضا عن أبي السنابل بن بعكل أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها ببضع وعشرين ليلة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج وروى أنها لما مات عنها زوجها وضعت حملها وسألت أبا السنابل بن بعكل هل يجوز لها أن تتزوج فقال لها حتى يبلع الكتاب أجله فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله على وسلم فقال كذب أبو السنابل ابتغى الأزواج وهذا حديث صحيح وقد روى من طرق صحيحة لا مساغ لاحد في العدول عنها ولان المقصود من العدة من ذوات الأقراء العلم ببراءة الرحم ووضع الحمل في الدلالة على البراءة فوق مضى المدة فكان انقضاء العدة به أولى من الانقضاء بالمدة وسواء كانت المرأة حرة أو مملوكة قنة أو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد أو مستسعاة مسلمة أو كتابية لعموم النص وقال أبو يوسف كذلك الا في امرأة الصغير في عدة الوفاة بان مات صغيرا عن امرأته وهي حامل فان عدتها أربعة أشهر وعشر عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد عدتها أن تضع حملها وجه قوله أن هذا الحمل ليس منه بيقين بدليل أنه لا يثبت نسبه منه فكان من الزنا فلا تنقضي به العدة كالحمل من الزنا وكالحمل الحادث بعد موته ولهما عموم قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن وقوله الحمل من الزنا لا تنقضي به العدة وهذا حمل من الزنا فيكون مخصوصا من العموم فنقول الحمل من الزنا قد تنقضي به العدة على قياس قولهما ألا ترى أنه إذا تزوج امرأة حاملا من الزنا جاز نكاحها عندهما ولو تزوجها ثم طلقها فوضعت حملها تنقضي عدتها عندهما بوضع الحمل وإن كان الحمل من الزنا ولان وجوب العدة للعلم بحصول فراغ الرحم والولادة دليل فراغ الرحم بيقين والشهر لا يدل على الفراغ بيقين فكان ايجاب ما دل على الفراغ بيقين أولى ولا أثر للنسب في هذا الباب وإنما الأثر لما بينا في الجملة فان مات وهي حائل ثم حملت بعد موته قبل انقضاء العدة فعدتها بالشهور أربعة أشهر
(١٩٧)