بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٩٧
في الطلاق لا في الوفاة بقوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن لأنه معطوف على قوله عز وجل واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وذلك بناء على قوله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فكان المراد من قوله واللائي لم يحضن المطلقات ولان في الاعتداد بأبعد الأجلين جمعا بين الآيتين بالقدر الممكن لان فيه عملا بآية عدة الحبل إن كان أجل تلك العدة أبعد وعملا بآية عدة الوفاة إن كان أجلها أبعد فكان عملا بهما جميعا بقدر الامكان وفيما قلتم عمل بإحداهما وترك العمل بالأخرى أصلا فكان ما قلنا أولى ولعامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن من غير فصل بين المطلقة والمتوفى عنها زوجها وقوله هذا بناء على قوله واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ممنوع بل هو ابتداء خطاب وفي الآية الكريمة ما يدل عليه فإنه قال إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ومعلوم أنه لا يقع الارتياب فيمن يحتمل القرء وذلك لان الأشهر في الآيسات إنما أقيمت مقام الأقراء في ذوات الحيض وإذا كانت الحامل ممن تحيض لم يجز أن يقع لها شك في عدتها ليسألوا عن عدتها وإذا كان كذلك ثبت أنه خطاب مبتدأ إذا كان خطابا مبتدأ تناول العدد كلها وقوله الاعتداد بأبعد الأجلين عمل بالآيتين بقدر الامكان فيقام إنما يعمل بهما إذا لم يثبت نسخ إحداهما بالتقدم والتأخر أو لم يكن إحداهما أولى بالعمل بها وقد قيل إن آية وضع الحمل آخرهما نزولا بما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال من شاء باهلته أن قوله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن نزل بعد قوله أربعة أشهر وعشرا فأما نسخ الأشهر بوضع الحمل إذا كان بين نزول الآيتين زمان يصلح للنسخ فينسخ الخاص المتقدم بالعام المتأخر كما هو مذهب مشايخنا بالعراق ولا يبنى العام على الخاص أو يعمل بالنص العام بعمومه ويتوقف في حق الاعتقاد في التخريج على التناسخ كما هو مذهب مشايخنا بسمرقند ولا يبنى العام على الخاص على ما عرف في أصول الفقه وروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله حين نزول قوله وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن أنها في المطلقة أم في المتوفى عنها زوجها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما جميعا وقد روت أم سلمة رضي الله عنها أن سبيعة بين الحارث الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها ببضع وعشرين ليلة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج وروى أيضا عن أبي السنابل بن بعكل أن سبيعة بنت الحارث الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها ببضع وعشرين ليلة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن تتزوج وروى أنها لما مات عنها زوجها وضعت حملها وسألت أبا السنابل بن بعكل هل يجوز لها أن تتزوج فقال لها حتى يبلع الكتاب أجله فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله على وسلم فقال كذب أبو السنابل ابتغى الأزواج وهذا حديث صحيح وقد روى من طرق صحيحة لا مساغ لاحد في العدول عنها ولان المقصود من العدة من ذوات الأقراء العلم ببراءة الرحم ووضع الحمل في الدلالة على البراءة فوق مضى المدة فكان انقضاء العدة به أولى من الانقضاء بالمدة وسواء كانت المرأة حرة أو مملوكة قنة أو مدبرة أو مكاتبة أو أم ولد أو مستسعاة مسلمة أو كتابية لعموم النص وقال أبو يوسف كذلك الا في امرأة الصغير في عدة الوفاة بان مات صغيرا عن امرأته وهي حامل فان عدتها أربعة أشهر وعشر عند أبي يوسف وعند أبي حنيفة ومحمد عدتها أن تضع حملها وجه قوله أن هذا الحمل ليس منه بيقين بدليل أنه لا يثبت نسبه منه فكان من الزنا فلا تنقضي به العدة كالحمل من الزنا وكالحمل الحادث بعد موته ولهما عموم قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن وقوله الحمل من الزنا لا تنقضي به العدة وهذا حمل من الزنا فيكون مخصوصا من العموم فنقول الحمل من الزنا قد تنقضي به العدة على قياس قولهما ألا ترى أنه إذا تزوج امرأة حاملا من الزنا جاز نكاحها عندهما ولو تزوجها ثم طلقها فوضعت حملها تنقضي عدتها عندهما بوضع الحمل وإن كان الحمل من الزنا ولان وجوب العدة للعلم بحصول فراغ الرحم والولادة دليل فراغ الرحم بيقين والشهر لا يدل على الفراغ بيقين فكان ايجاب ما دل على الفراغ بيقين أولى ولا أثر للنسب في هذا الباب وإنما الأثر لما بينا في الجملة فان مات وهي حائل ثم حملت بعد موته قبل انقضاء العدة فعدتها بالشهور أربعة أشهر
(١٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248