وعنده لما كان الوطئ حراما لا يقدم عليه فلا ضرورة إلى جعله دلالة الرجعة ثم ابتداء الدليل في المسألة قوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن سمى الرجعة ردا والرد لا يختص بالقول كرد المغصوب ورد الوديعة قال النبي صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى ترده وقوله تعالى فأمسكوهن بمعروف وقوله عز وجل فامساك بمعروف سمى الرجعة امساكا والامساك حقيقة يكون بالفعل وكذا ان جامعته وهو نائم أو مجنون لان ذلك حلال لها عندنا فلو لم يجعل رجعة لصارت مرتكبة للحرام على تقدير انقضاء العدة من غير رجعة من الزوج فجعل ذلك منها رجعة شرعا ضرورة التحرز عن الحرام ولان جماعها كجماعه لها في باب التحريم فكذا في باب الرجعة وكذلك إذا لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة فهو مراجع لما قلنا وان لمس أو نظر لغير شهوة لم يكن رجعة لان ذلك حلال في الجملة ألا ترى أن القابلة والطبيب ينظران إلى الفرج ويمس الطبيب عند الحاجة إليه بغير شهوة فلا ضرورة إلى جعله رجعة وكذلك إذا نظر إلى غير الفرج لشهوة لأنه ذلك أيضا مباح في الجملة ويكره التقبيل واللمس لغير شهوة إذا لم يرد به المراجعة وكذا يكره أن يراها متجردة لغير شهوة كذا قال أبو يوسف لأنه لا يأمن من أن يشتهى فيصير مراجعا من غير اشهاد وذلك مكروه وكذا لا يأمن من الاضرار بها لجواز أن يشتهى فيصير به مراجعا وهو لا يريد امساكها فيطلقها فتطول العدة عليها فتتضرر به والله تعالى نهى عن ذلك بقوله ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا وكذا قال أبو يوسف ان الأحسن إذا دخل عليها أن يتنحنح ويسمعها خفق نعليه ليس من أجل انها حرام ولكن لا يأمن من أن يرى الفرج بشهوة فيكون رجعة بغير اشهاد وهذه عبارة أبى يوسف ولو نظر إلى دبرها موضع خروج الغائط بشهوة لم يكن ذلك رجعة كذا ذكر في الزيادات وهو قول محمد الأخير وكأن يقول أو لا أنه يكون رجعة ثم رجع حكى إبراهيم بن رستم رجوعه وهو قياس قول أبي حنيفة لان ذلك السبيل لا يجرى مجرى الفرج ألا ترى ان الوطئ فيه لا يوجب الحد عنده فكان النظر إليه كالنظر إلى سائر البدن ولان النظر إلى الفرج بشهوة إنما كان رجعة لكون الوطئ حلالا تقريرا للحل صيانة عن الحرام والنظر إلى هذا المحل عن شهوة مما لا يحتمل الحل بحال كما أن الفعل فيه لا يحتمل الحل بحال فلا يصلح دليلا على الرجعة ولو نظرت إلى فرجه بشهوة قال أبو يوسف قياس قول أبي حنيفة أن يكون رجعة وهذا قبيح ولا يكون رجعة وكذا قال أبو يوسف والصحيح قياس قول أبي حنيفة لما ذكرنا فيما إذا جامعته وهو نائم أو مجنون ولان النظر حلال لها كالوطئ فيجعل رجعة تقريرا للحل وصيانة عن الحرمة ولان النظرين يستويان في التحريم ألا ترى أن نظرها إلى فرجه كنظره إلى فرجها في التحريم فكذا في الرجعة ولو لمسته لشهوة مختلسة أو كان نائما أو اعترف الزوج أنه كان بشهوة فهو رجعة في قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف ليس برجعة فأبو حنيفة سوى بينها وبين الجارية المشتراة بشرط الخيار للمشترى إذا لمست المشترى أنه يبطل خياره ومحمد فرق بينهما فقال ههنا يكون رجعة وهناك لا يكون إجازة للبيع وعن أبي يوسف في الجارية روايتان في رواية فرق فقال ثمة يكون إجازة للبيع وههنا لا يكون رجعة وفي رواية سوى بينهما فقال فعلها لا يكون رجعة ههنا ولا فعل الأمة يكون إجازة ثمة فعلى هذه الرواية لا يحتاج إلى الفرق بين المسئلتين ووجه الفرق له على الرواية الأخرى ان بطلان الخيار لا يقف على فعل المشترى بل قد يبطل بغير فعله كما إذا تعيبت في يده بآفة سماوية فأما الرجعة فلا يجوز أن تثبت الا باختيار الزوج حتى قال أبو يوسف انها إذا لمسته فتركها وهو يقدر على منعها كان ذلك رجعة لأنه لما مكنها من اللمس فقد حصل ذلك باختياره فصار كأنه لمسها وكذلك قال أبو يوسف إذا ابتدأت اللمس وهو مطاوع لها أنه يكون رجعة لما قلنا ووجه الفرق لمحمد ان اسقاط الخيار ادخال الشئ في ملك المشتري والأمة لا تملك ذلك وليست الرجعة ادخال المرأة على ملك زوجها لأنها على ملكه فلو جعلناه مراجعا بفعلها لم تملكه ما لم يكن ملكا له فصحت الرجعة ولأبي حنيفة على نحو ما ذكرنا وهو ان اللمس حلال من الجانبين عندنا فلزم تعذر الحل فيه وصيانته عن الحرمة وذلك يجعله رجعة على ما سبق بيانه كما قال في الجارية ان اللمس منها لو لم يجعل إجازة للبيع وربما يفسخ البيع فتبين ان اللمس حصل في ملك الغير من وجه وما
(١٨٢)