اختلفوا فيه قال أبو حنيفة يعتبر بالأيام فتعتد من الطلاق وأخواته تسعين يوما ومن الوفاة مائة وثلاثين يوما وكذلك قال في صوم الشهرين المتتابعين إذا ابتدأ الصوم في نصف الشهر وقال محمد تعتد بقية الشهر بالأيام وباقي الشهور بالأهلة ويكمل الشهر الأول من الشهر الأخير بالأيام وعن أبي يوسف روايتان في رواية مثل قول أبي حنيفة وفي رواية مثل قول محمد وهو قوله الأخير (وجه) قولهما ان المأمور به هو الاعتداد بالشهر والأشهر اسم الأهلة فكان الأصل في الاعتداد هو الأهلة قال الله تعالى يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج جعل الهلال لمعرفة المواقيت وإنما يعدل إلى الأيام عند تعذر اعتبار الأهلة وقد تعذر اعتبار الهلال في الشهر الأول فعدلنا عنه إلى الأيام ولا تعذر في بقية الأشهر فلزم اعتبارها بالأهلة ولهذا اعتبرنا كذلك في باب الإجارة إذا وقعت في بعض الشهر كذا ههنا ولأبي حنيفة ان العدة يراعى فيها الاحتياط فلو اعتبرناها في الأيام لزادت على الشهور ولو اعتبرناها بالأهلة لنقصت عن الأيام فكان ايجاب الزيادة أولى احتياط بخلاف الإجارة لأنها تمليك المنفعة والمنافع توجد شيئا فشيئا على حسب حدوث الزمان فيصير كل جزء منها كالمعقود عليه عقدا مبتدأ فيصير عند استهلال الشهر كأنه ابتدأ العقد فيكون بالأهلة بخلاف العدة فان كل جزء منها ليس كعدة مبتدأة وأما الايلاء في بعض الشهر فقد ذكرنا الاختلاف بين أبى يوسف وزفر في كيفية اعتبار الشهر فيه ان على قول أبى يوسف يعتبر بالأيام فيكمل مائة وعشرين يوما ولا ينظر إلى نقصان الشهر ولا إلى تمامه وعند زفر يعتبر بالأهلة (وجه) قول ان مدة الايلاء كمدة العدة لان كل واحد منهما يتعلق به البينونة ولأبي يوسف ان اعتبار الأيام في مدة الايلاء يوجب تأخير الفرقة واعتبار الأشهر يوجب التعجيل فوقع الشك في وقوع الطلاق فلا يقع بالشك كمن علق طلاق امرأته بمدة في المستقبل وشك في المدة بخلاف العدة لان الطلاق هناك واقع بيقين وحكمه متأجل فإذا وقع الشك في التأجيل لا يتأجل بالشك وأما عدة الحبل فمقدارها بقية مدة الحمل قلت أو كثرت حتى لو ولدت بعد وجوب العدة بيوم أو أقل أو أكثر انقضت به العدة لقوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن من غير فصل وذكر في الأصل أنها لو ولدت والميت على سريره انقضت به العدة على ما جاءت به السنة هكذا ذكر والسنة المذكورة هي ما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال في المتوفى عنها زوجها إذا ولدت وزوجها على سريره جاز لها أن تتزوج وشرط انقضاء العدة أن يكون ما وضعت قد استبان خلقه أو بعض خلقه فإن لم يستبن رأسا بان أسقطت علقة أو مضغة لم تنقض العدة لأنه إذا استبان خلقه أو بعض خلقه فهو ولد فقد وجد وضع الحمل فتنقضي به العدة وإذا لم يستبن لم يعلم كونه ولدا بل يحتمل أن يكون ويحتمل أن لا يكون فيقع الشك في وضع الحمل فلا تنقضي العدة بالشك وقال الشافعي في أحد قوليه يرى للنساء وهذا ليس بشئ لأنهن لم يشاهدن انخلاق الولد في الرحم ليقسن هذا عليه فيعرفن وقال في قول آخر يجعل في الماء الحار ثم ينظر ان انحل فليس بولد وان لم ينحل فهو ولد وهذا أيضا فاسد لأنه يحتمل انه قطعة من كبدها أو لحمها انفصلت منها وأنها لا تنحل بالماء الحار كما لا ينحل الولد فلا يعلم به أنه ولو ظهر أكثر الولد لم يذكر هذا في ظاهر الرواية وقد قالوا في المطلقة طلاقا رجعيا انه إذا ظهر منها أكثر ولدها انها تبين فعلى هذا يجب أن تنقضي به العدة أيضا بظهور أكثر الولد ويجوز أن يفرق بينهما فيقام الأكثر مقام الكل في انقطاع الرجعة احتياطا ولا يقام في انقضاء العدة حتى لا تحل للأزواج احتياط أيضا ثم انقضاء عدة الحمل بوضع الحمل إذا كانت معتدة عن طلاق أو غيره من أسباب الفرقة بلا خلاف لعموم قوله تعالى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن وكذلك إذا كانت متوفى عنها زوجها عند عامة العلماء وعامة الصحابة رضي الله عنهم وروى عن عمر وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهم قالوا عدتها ما في بطنها وإن كان زوجها على السرير وقال علي رضي الله عنه وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس رضي الله عنهما ان الحامل إذا توفى عنها زوجها فعدتها أبعد الأجلين وضع الحمل أو مضى أربعة أشهر وعشر أيهما كان أخيرا تنقضي به العدة (وجه) هذا القول إن الاعتداد بوضع الحمل إنما ذكر
(١٩٦)