ويجامعها وأما الانزال فليس بشرط للاحلال لان الله تعالى جعل الجماع غاية الحرمة والجماع في الفرج هو التقاء الختانين فإذا وجد فقد انتهت الحرمة وسواء كان الزوج الثاني بالغا أو صبيا يجامع فجامعها أو مجنونا فجامعها لقوله تعالى حتى تنكح زوجا غيره من غير فصل بين زوج وزوج ولان وطئ الصبي والمجنون يتعلق به أحكام النكاح من المهر والتحريم كوطئ البالغ العاقل وكذلك الصغيرة التي يجامع مثلها إذا طلقها زوجها ثلاثا ودخل بها الزوج الثاني حلت للأول لاطلاق قوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ولان وطأها يتعلق به أحكام الوطئ من المهر والتحريم فصار كوطئ البالغة وسواء كان الزوج الثاني حرا أو عبدا قنا أو مدبرا أو مكاتبا بعد ان تزوج بإذن مولاه ودخل بها لقوله تعالى حتى تنكح زوجا غيره مطلقا من غير فصل ولان أحكام النكاح تتعلق بوطئ هؤلاء كما تتعلق بوطئ الحر وكذا إذا كان مشلولا ينتشر له ويجامع لوجود الجماع في النكاح الصحيح وإنما الفائت هو الانزال وذا ليس بشرط كالفحل إذا جامع ولم ينزل وأما المجبوب فإنه لا يحلها للأول لأنه لا يتحقق منه الجماع وإنما يوجد منه السحق والملاصقة والتحليل يتعلق بالجماع وانه اسم لالتقاء الختانين ولم يوجد فلا تحل للأول وان حملت امرأة المجبوب وولدت هل تحل للأول قال أبو يوسف حلت للأول وكانت محصنة وقال زفر لا تحل للأول ولا تكون محصنة وهو قول الحسن وجه قول زفر ظاهر لان ثبوت النسب ليس بوطئ حقيقة بل يقام مقام الوطئ حكما والتحليل يتعلق حقيقة لا حكما كالخلوة فإنها لا تفيد الحل وان أقيم مقام الوطئ حكما كذا هذا ولان النسب يثبت من صاحب الفراش مع كون المرأة زانية حقيقة لكونه مولودا على الفراش والتحليل لا يقع بالزنا ولأبي يوسف ان النسب ثابت منه وثبوت النسب حكم الوطئ في الأصل فصار كالدخول سواء وطئها الزوج الثاني في حيض أو نفاس أو صوم أو احرام لوجود الدخول في النكاح الصحيح ولو كانت كتابية تحت مسلم طلقها ثلاثا فنكحت كتابيا نكاحا يقر ان عليه لو أسلما ودخل بها فإنها تحل للزوج الأول لوجود الدخول في النكاح الصحيح في حقهم لأنهم يقرون عليه بعد الاسلام فصار كنكاح المسلمين وسواء كانت المرأة مطلقة من زوج واحد أو من زوجين أو أكثر من ذلك فالزوج الواحد إذا دخل بها تحل للزوجين أو أكثر من ذلك بان طلق الرجل امرأته ثلاثا فتزوجت بزوج آخر فطلقها الثاني قبل ان يدخل بها ثلاثا ثم تزوجت زوجا ثالثا ودخل بها حلت للأولين لقوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره جعل الزوج الثاني منهيا للحرمة من غير فصل بين ما إذا حرمت على زوج واحد أو أكثر ثم وطئ الزوج الثاني هل يهدم ما كان في ملك الزوج الأول من الطلاق لا خلاف في أنه يهدم الثلاث وهل يهدم ما دون الثلاث قال أبو حنيفة وأبو يوسف يهدم وقال محمد لا يهدم وبه أخذ الشافعي وقد ذكرنا الحجج والشبه فيما تقدم وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا فغابت عنه مدة ثم أتته فقالت إن تزوجت زوجا غيرك ودخل بي وطلقني وانقضت عدتي قال محمد لا بأس ان يتزوجها ويصدقها إذا كانت ثقة عنده أو وقع في قلبه انها صادقة لان هذا من باب الديانة وخبر العدل في باب الديانة مقبول رجلا كان أو امرأة كما في الاخبار عن طهارة الماء ونجاسته وكما في رواية الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فان تزوجها ولم تخبره بشئ فلما وقع قالت لم أتزوج زوجا غيرك أو قالت تزوجت ولم يدخل بي أو قالت قد خلا بي وجامعني فيما دون الفرج وكذبها الأول وقال قد دخل بك الثاني لم يذكر هذا في ظاهر الرواية وذكر الحسن بن زياد ان القول قول المرأة في ذلك كله لان هذا المعنى لا يعلم الا من جهتها فكان القول قولها كما في الخبر عن الحيض والحبل وفيه اشكال وهو انه إنما يجعل القول قولها إذا لم يسبق منها ما يكذبها وقد سبق منها ما يكذبها في قولها وهو اقدامها على النكاح من الزوج الأول لان شيئا من ذلك لا يجوز الا بعد التزوج بزوج آخر والدخول بها فكان فعلها مناقضا لقولها فلا يقبل وإن كان الزوج هو الذي قال لها لم تتزوجي أو قال لم يدخل بك الثاني وقالت المرأة قد دخل بي قال الحسن القول قول المرأة وهذا صحيح لما ذكرنا ان هذا إنما يعلم من جهتها ولم يوجد منها دليل التناقض فكان القول قولها قال ويفسد النكاح بقول الزوج ولها نصف
(١٨٩)