بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٨٩
ويجامعها وأما الانزال فليس بشرط للاحلال لان الله تعالى جعل الجماع غاية الحرمة والجماع في الفرج هو التقاء الختانين فإذا وجد فقد انتهت الحرمة وسواء كان الزوج الثاني بالغا أو صبيا يجامع فجامعها أو مجنونا فجامعها لقوله تعالى حتى تنكح زوجا غيره من غير فصل بين زوج وزوج ولان وطئ الصبي والمجنون يتعلق به أحكام النكاح من المهر والتحريم كوطئ البالغ العاقل وكذلك الصغيرة التي يجامع مثلها إذا طلقها زوجها ثلاثا ودخل بها الزوج الثاني حلت للأول لاطلاق قوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ولان وطأها يتعلق به أحكام الوطئ من المهر والتحريم فصار كوطئ البالغة وسواء كان الزوج الثاني حرا أو عبدا قنا أو مدبرا أو مكاتبا بعد ان تزوج بإذن مولاه ودخل بها لقوله تعالى حتى تنكح زوجا غيره مطلقا من غير فصل ولان أحكام النكاح تتعلق بوطئ هؤلاء كما تتعلق بوطئ الحر وكذا إذا كان مشلولا ينتشر له ويجامع لوجود الجماع في النكاح الصحيح وإنما الفائت هو الانزال وذا ليس بشرط كالفحل إذا جامع ولم ينزل وأما المجبوب فإنه لا يحلها للأول لأنه لا يتحقق منه الجماع وإنما يوجد منه السحق والملاصقة والتحليل يتعلق بالجماع وانه اسم لالتقاء الختانين ولم يوجد فلا تحل للأول وان حملت امرأة المجبوب وولدت هل تحل للأول قال أبو يوسف حلت للأول وكانت محصنة وقال زفر لا تحل للأول ولا تكون محصنة وهو قول الحسن وجه قول زفر ظاهر لان ثبوت النسب ليس بوطئ حقيقة بل يقام مقام الوطئ حكما والتحليل يتعلق حقيقة لا حكما كالخلوة فإنها لا تفيد الحل وان أقيم مقام الوطئ حكما كذا هذا ولان النسب يثبت من صاحب الفراش مع كون المرأة زانية حقيقة لكونه مولودا على الفراش والتحليل لا يقع بالزنا ولأبي يوسف ان النسب ثابت منه وثبوت النسب حكم الوطئ في الأصل فصار كالدخول سواء وطئها الزوج الثاني في حيض أو نفاس أو صوم أو احرام لوجود الدخول في النكاح الصحيح ولو كانت كتابية تحت مسلم طلقها ثلاثا فنكحت كتابيا نكاحا يقر ان عليه لو أسلما ودخل بها فإنها تحل للزوج الأول لوجود الدخول في النكاح الصحيح في حقهم لأنهم يقرون عليه بعد الاسلام فصار كنكاح المسلمين وسواء كانت المرأة مطلقة من زوج واحد أو من زوجين أو أكثر من ذلك فالزوج الواحد إذا دخل بها تحل للزوجين أو أكثر من ذلك بان طلق الرجل امرأته ثلاثا فتزوجت بزوج آخر فطلقها الثاني قبل ان يدخل بها ثلاثا ثم تزوجت زوجا ثالثا ودخل بها حلت للأولين لقوله تعالى فان طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره جعل الزوج الثاني منهيا للحرمة من غير فصل بين ما إذا حرمت على زوج واحد أو أكثر ثم وطئ الزوج الثاني هل يهدم ما كان في ملك الزوج الأول من الطلاق لا خلاف في أنه يهدم الثلاث وهل يهدم ما دون الثلاث قال أبو حنيفة وأبو يوسف يهدم وقال محمد لا يهدم وبه أخذ الشافعي وقد ذكرنا الحجج والشبه فيما تقدم وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا فغابت عنه مدة ثم أتته فقالت إن تزوجت زوجا غيرك ودخل بي وطلقني وانقضت عدتي قال محمد لا بأس ان يتزوجها ويصدقها إذا كانت ثقة عنده أو وقع في قلبه انها صادقة لان هذا من باب الديانة وخبر العدل في باب الديانة مقبول رجلا كان أو امرأة كما في الاخبار عن طهارة الماء ونجاسته وكما في رواية الاخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فان تزوجها ولم تخبره بشئ فلما وقع قالت لم أتزوج زوجا غيرك أو قالت تزوجت ولم يدخل بي أو قالت قد خلا بي وجامعني فيما دون الفرج وكذبها الأول وقال قد دخل بك الثاني لم يذكر هذا في ظاهر الرواية وذكر الحسن بن زياد ان القول قول المرأة في ذلك كله لان هذا المعنى لا يعلم الا من جهتها فكان القول قولها كما في الخبر عن الحيض والحبل وفيه اشكال وهو انه إنما يجعل القول قولها إذا لم يسبق منها ما يكذبها وقد سبق منها ما يكذبها في قولها وهو اقدامها على النكاح من الزوج الأول لان شيئا من ذلك لا يجوز الا بعد التزوج بزوج آخر والدخول بها فكان فعلها مناقضا لقولها فلا يقبل وإن كان الزوج هو الذي قال لها لم تتزوجي أو قال لم يدخل بك الثاني وقالت المرأة قد دخل بي قال الحسن القول قول المرأة وهذا صحيح لما ذكرنا ان هذا إنما يعلم من جهتها ولم يوجد منها دليل التناقض فكان القول قولها قال ويفسد النكاح بقول الزوج ولها نصف
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248