ساعة ثم قالت انقضت عدتي يكون القول قول الزوج ولا خلاف أيضا في أنها إذا بدأت فقالت انقضت عدتي فقال الزوج مجيبا لها موصولا بكلامها راجعتك يكون القول قولها وجه قولهما أن قول الزوج راجعتك وقع رجعة صحيحة لقيام العدة من حيث الظاهر فكان القول قول المرأة انقضت عدتي اخبارا عن انقضاء العدة ولا عدة لبطلانها بالرجعة فلا يسمع كما لو سكتت ساعة ثم قالت انقضت عدتي ولان قولها انقضت عدتي إن كان اخبارا عن انقضاء العدة في زمان متقدم على قول الزوج لا يقبل منها بالاجماع كما لو أسندت الخبر عن الانقضاء إليه نصابان قالت كانت عدتي قد انقضت قبل رجعتك لأنها متهمة في التأخير في الاخبار وإن كان ذلك اخبارا عن انقضاء العدة في زمان مقارن لقول الزوج فهذا نادرا فلا يقبل قولهما ولأبي حنيفة أن المرأة أمينة في اخبارها عن انقضاء العدة فان الشرع ائتمنها في هذا الباب قال الله تعالى ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر قيل في التفسير انه الحيض والحبل نهاهن سبحانه وتعالى عن الكتمان والنهى عن الكتمان أمر بالاظهار إذ النهى عن الشئ أمر بضده بالاظهار أمر بالقبول لتظهر فائدة الاظهار فلزم قبول قولها وخبرها بانقضاء العدة ومن ضرورة قبول الاخبار بانقضاء العدة حلها للأزواج ثم إن كانت عدتها انقضت قبل قول الزوج راجعتك فقوله راجعتك يقع بعد انقضاء عدتها فلا يصح وإن كانت انقضت حال قوله راجعتك فيقع حال قوله راجعتك حال انقضاء العدة وكما لا تصح الرجعة بعد انقضاء العدة لا تصح حال انقضائها لأن العدة حال انقضائها منقضية فكان ذلك رجعة لمنقضية العدة فلا تصح فان قيل يحتمل أنها انقضت حال اخبارها عن الانقضاء واخبارها متأخر عن قوله راجعتك فكان انقضاء العدة متأخرا عنه ضرورة فتصح الرجعة فالجواب إذا احتمل ما قلنا واحتمل ما قلتم وقع الشك في صحة الرجعة والأصل ان ما لم يكن ثابتا إذا وقع الشك في ثبوته لا يثبت مع الشك والاحتمال خصوصا فيما يحتاط فيه ولا سيما إذا كان جهة الفساد آكد وههنا جهة الفساد آكد لأنها تصح من وجه وتفسد من وجهين فالأولى أن لا يصح والله عز وجل الموفق ثم عند أبي حنيفة تستحلف وإذا نكلت يقضى بالرجعة وهذا يشكل على أصله لان الاستحلاف للنكول والنكول بدل عنده والرجعة لا تحتمل البدل لكن الاستحلاف قد يكون للنكول ليقضى به وقد يكون لا للنكول بل لنفى التهمة بالحلف ألا ترى أنه يستحلف عنده فيما لا يقضى بالنكول أصلا كما في دعوى القصاص في النفس نفيا للتهمة والمرأة وإن كانت أمينة لكن الأمين قد يستحلف لنفى التهمة بالحلف فإذا نكلت فقد تحققت التهمة فلم يبق قولها حجة فبقيت الرجعة على حالها حكما لاستصحاب الحال لعدم دليل الزوال لأنه جعل نكولها بدلا مع ما أنه يمكن تحقيق معنى البدل ههنا لما ذكرنا أنها بالنكول صارت متهمة فخرج قولها من أن يكون حجة للتهمة فتبقى العدة وأثرها في المنع من الأزواج والسكون في منزل الزوج فقط ثم يقضى بالرجعة حكما لاستصحاب الحال لأنها باخبارها بانقضاء عدتها حلت للأزواج وإذا نكلت فقد بدلت الامتناع من الأزواج والسكون في منزل الزوج وهذا معنى يحتمل البدل ومنها عدم شرط الخيار حتى لو شرط الخيار في الرجعة لم يصح لأنها استبقاء النكاح فلا يحتمل شرط الخيار كما لا يحتمل الانشاء (ومنها) أن يكون أحد نوعي ركن الرجعة وهو القول منه لا منها حتى لو قالت للزوج راجعتك لم يصح لقوله سبحانه وتعالى بعولتهن أحق بردهن أي أحق برجعتهن منهن ولو كانت لها ولاية الرجعة لم يكن الزوج أحق بالرجعة منها فظاهر النص يقتضى ان لا يكون لها ولاية الرجعة أصلا الا أن جواز الرجعة بالفعل منها عرفناه بدليل آخر وهو ما بينا وأما رضا المرأة فليس بشرط لجواز الرجعة وكذا المهر لقوله تعالى وبعولتهن أحق بردهن مطلقا عن شرط الرضا والمهر ولأنه لو شرط الرضا والمهر لم يكن الزوج أحق برجعتها منها لأنه لا يملك بدون رضاها والمهر فيؤدى إلى الخلف في خبر الله عز وجل وهذا لا يجوز ولان الرجعة شرعت لامكان التدارك عند الندم فلو شرط رضاها لا يمكنه التدارك لأنها عسى لا ترضى وعسى لا يجد الزوج المهر وكذا كون الزوج طائعا وجادا وعامدا ليس بشرط لجواز الرجعة فتصح الرجعة مع الاكراه والهزل واللعب والخطأ لان الرجعة استبقاء النكاح وأنه دون الانشاء ولم تشترط هذه
(١٨٦)