بدائع الصنائع - أبو بكر الكاشاني - ج ٣ - الصفحة ١٨٤
وروى عن مكحول أن أبا بكر وعمر وعليا وابن مسعود وأبا الدرداء وعبادة بن الصامت وعبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنهم كانوا يقولون في الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين انه أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ترثه ويرثها ما دامت في العدة فاتفقت الصحابة رضي الله عنهم على اعتبار الغسل فكان قوله مخالفا للحديث واجماع الصحابة فلا يعتد به ولان أيامها إذا كانت أقل من عشرة لم تستيقن بانقطاع دم الحيض لاحتمال المعاودة في أيام الحيض إذ الدم لا يدر درا واحدا ولكنه يدر مرة وينقطع أخرى فكان احتمال العود قائما والعائد يكون دم حيض إلى العشرة فلم يوجد انقطاع دم الحيض بيقين فلا يثبت الطهر بيقين فتبقى العدة لأنها كانت ثابتة بيقين والثابت بيقين لا يزول بالشك كمن استيقن بالحدث وشك في الطهارة بخلاف ما إذا كانت أيامها عشرا لأنه هناك لا يحتمل عود دم الحيض بعد العشرة إذ العشرة أكثر الحيض فتيقنا بانقطاع دم الحيض فيزول الحيض ضرورة ويثبت الطهر وههنا بخلافه على ما بينا والشافعي بنى قوله هذا على أصله ان العدة تنقضي بالأطهار لا بالحيض فإذا طعنت في أول الحيضة الثالثة فقد انقضت العدة من غير حاجة إلى شئ آخر ويستدل على بطلان هذا الأصل في موضعه إن شاء الله تعالى فيبطل الفرع ضرورة وإذا اغتسلت انقطعت الرجعة لأنه ثبت لها حكم من أحكام الطاهرات وهو إباحة أداء الصلاة إذ لا يباح أداؤها للحائض فتقرر الانقطاح بقرينة الاغتسال فتنقطع الرجعة وكذا إذا لم تغتسل لكن مضى عليها وقت الصلاة تنقطع الرجعة لأنه لما مضى عليها وقت الصلاة صارت الصلاة دينا في ذمتها وهذا من أحكام الطاهرات إذ لا تجب الصلاة على الحائض فلا تصير دينا عليها فاستحكم الانقطاع بهذه القرينة فانقطعت الرجعة وكذلك إذا لم تجد الماء بأن كانت مسافرة فتيممت وصلت لان صحة الصلاة حكم من أحكام الطاهرات إذ لا صحة لها مع قيام الحيض فقد يضاف إلى الانقطاع حكم من أحكام الطاهرات فاستحكم الانقطاع فتنقطع الرجعة فاما إذا تيممت ولم تصل فهل تنقطع الرجعة اختلف فيه أصحابنا قال أبو حنيفة وأبو يوسف لا تنقطع وقال محمد تنقطع (وجه) قوله أنها لما تيممت فقد ثبت لها حكم من أحكام الطاهرات وهو إباحة الصلاة فلا يبقى الحيض ضرورة كما لو اغتسلت أو تيممت وصلت به (وجه) قولهما على نحو ما ذكرنا أن أيامها إذا كانت دون العشرة لم تستيقن بانقضاء عدتها بنفس انقطاع الدم من غير قرينة تنضم إليه لاحتمال ان يعاودها الدم في العشرة فتبين أنها حائض والحيض كان ثابتا بيقين فلا يحكم بزواله الا عند وجود الطهر بيقين ولم يوجد وبقرينة التيمم لا تصير في حكم الطاهرات بيقين لأنه ليس بطهور حقيقة وإنما جعل طهورا شرعا عند عدم الماء لقوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا والدليل عليه أنها لو رأت الماء قبل الشروع في الصلاة أو بعد ما شرعت فيها قبل الفراع منها بطل تيممها فكان التيمم طهارة مطلقة شرعا لكن حال عدم الماء واحتمال وجود الماء في كل ساعة قائم فكان احتمال عدم الطهورية ثابتا فلم توجد الطهارة الحاصلة بيقين فتبقى نجاسة الحيض الا أنه أبيح لها أداء الصلاة به لعدم الماء في الحالين من حيث الظاهر مع احتمال الوجود فإذا لم تجد الماء وصلت به وفرغت من الصلاة فقد استحكم العدم فاستحكمت الطهارة الحاصلة بالتيمم فلا يبقى الحيض فاما قبل ذلك فاحتمال عدم الطهارة ثابت لاحتمال وجود الماء فلا يكون طهارة شرعا بيقين بل مع الاحتمال فيبقى حكم الحيض الثابت بيقين بخلاف الاغتسال لأنه طهارة بيقين لكون الماء طهورا مطلقا فإذا ثبتت الطهارة بيقين انتفى الحيض ضرورة لأنه ضدها بخلاف التيمم على ما بيناه وبخلاف ما إذا مضى عليها وقت كامل من أوقات الصلاة لان الصلاة صارت دينا في ذمتها بيقين فقد ثبت في حقها حكم من أحكام الطاهرات بيقين فلا يبقى الحيض بيقين فتنقضي العدة بيقين ولو اغتسلت بسؤر الحمار انقطعت الرجعة بنفس الاغتسال بالاجماع ولكنها لا تحل للأزواج لان سؤر الحمار مشكوك فيه أما في طهوريته أو في طهارته على اختلافهم في ذلك فإن كان ذلك طاهرا أو طهورا انقطعت الرجعة وتحل للأزواج لانقضاء العدة لتقرر الانقطاع بالاغتسال وان لم يكن أو كان طاهرا غير طهور لا تنقطع الرجعة ولا تحل للأزواج فإذا وقع الشك لزم الاحتياط في ذلك كله وذلك فيما قلنا وهو أن تنقطع الرجعة ولا تحل للأزواج أخذا بالثقة في الحكمين احترازا عن الحرمة في البابين ولا
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الايمان والكلام فيه مطلب في بيان أنواع الايمان 2
2 فصل وأما ركن اليمين فهو الخ 5
3 فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع 10
4 فصل وأما حكم اليمين فيختلف باختلافه 15
5 فصل في بيان أن اليمين على نية الحالف أو المستحلف 20
6 فصل وأما اليمين بغير الله فهي نوعان 21
7 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 26
8 فصل وأما حكم اليمين المعلق الخ 30
9 فصل وأما الحلف على الدخول الخ 36
10 فصل واما الحلف على الخروج فهو الخ 42
11 فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ 47
12 فصل وأما الحلف على الاظهار والاعلان الخ 53
13 فصل وأما الحلف على الأكل والشرب الخ 56
14 فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ 69
15 فصل واما الحلف على الركوب فهو الخ 71
16 فصل واما الحلف على الجلوس فهو الخ 71
17 فصل وأما الحلف على السكنى والمساكنة فهو الخ 72
18 فصل وأما الحلف على المعرفة فهو الخ 75
19 فصل واما الحلف على أخذ الحق وقبضه الخ. 75
20 فصل وأما الحالف على الهدم فهو الخ 76
21 فصل وأما الحلف على الضرب والقتل فهو الخ 76
22 فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ 78
23 فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الحالف 78
24 فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ 80
25 فصل وأما الحلف على أمور شرعية الخ 81
26 فصل واما الحلف على أمور متفرقة الخ 87
27 كتاب الطلاق والكلام عليه مطلب في أن صفة الطلاق نوعان سنة وبدعة 88
28 فصل وأما بيان الالفاظ التي يقع بها طلاق السنة فهو نوعين نص ودلالة أما النص الخ 91
29 مطلب وأما الدلالة فنحو أن يقول الخ 92
30 فصل وأما طلاق البدعة فالكلام فيه في ثلاثة مواضع 93
31 فصل وأما حكم الالفاظ التي يقع بها طلاق البدعة 96
32 فصل وأما طلاق البدعة فهو الخ 96
33 فصل وأما قدر الطلاق وعدده فنقول الخ 97
34 فصل وأما بيان ركن الطلاق الخ 98
35 فصل وأما شرائط الركن فأنواع 99
36 فصل في النية في أحد نوعي الطلاق 101
37 فصل وأما الكناية فنوعان النوع الأول منه الخ 105
38 فصل وأما النوع الثاني فهو الخ 109
39 فصل وأما بيان صفة الواقع بها الخ 109
40 فصل وأما الكناية فثلاثة ألفاظ رواجع بلا خلاف 111
41 فصل وأما قوله أمرك بيدك فالكلام فيه الخ 113
42 فصل واما قوله اختاري فالكلام فيه الخ 118
43 فصل وأما قوله أنت طالق إن شئت فهو الخ 121
44 فصل وأما قوله طلقي نفسك فهو عندنا تمليك الخ 122
45 فصل وأما الرسالة فهو أن يبعث الزوج طلاق امرأته الغائبة الخ 126
46 فصل وأما الذي يرجع إلى المرأة فمنها الملك الخ 126
47 فصل وأما حكم الخلع فنقول الخ 151
48 فصل وأما الطلاق على مال فهو في أحكامه كالخلع 152
49 فصل وأما الذي يرجع إلى نفس الركن الخ 153
50 مطلب وأما أحد نوعي الاستثناء فهو الخ 155
51 مطلب في مسائل نوع من الاستثناء 157
52 فصل وأما الذي يرجع إلى الوقت فهو الخ 161
53 فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان 170
54 فصل وأما حكم الايلاء فنقول الخ 175
55 فصل وأما بيان ما يبطل به الايلاء فنوعان 178
56 فصل وأما بيان حكم الطلاق فيختلف الخ 180
57 فصل وأما شرائط جواز الرجعة فمنها الخ 183
58 فصل وأما الطلاق البائن فنوعان الخ 187
59 فصل ومنها أن يكون نكاح الثاني صحيحا 187
60 فصل وأما الذي هو من التوابع فنوعان 190
61 فصل وأما عدة الأشهر فنوعان 192
62 فصل وأما عدة الحمل فهي مدة الحمل 192
63 فصل في بيان مقادير العدة وما تنقضى به 193
64 فصل في بيان ما يعرف به انقضاء العدة 198
65 فصل في بيان انتقال العدة وتغيرها 200
66 فصل وأما تغير العدة فنحو الأمة الخ 201
67 فصل في أحكام العدة 204
68 كتاب الظهار والكلام عليه 229
69 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر 232
70 فصل في بيان الذي يرجع إلى المظاهر به. 233
71 فصل وللظهار أحكام 234
72 فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل 235
73 فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها 235
74 كتاب اللعان والكلام عليه 237
75 فصل في بيان صفة اللعان 238
76 فصل في بيان سبب وجود اللعان 239
77 فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه 240
78 فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان 243
79 فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه 243
80 فصل في بيان حكم اللعان 244
81 فصل في بيان ما يبطل به حكم اللعان 248