يكن له إشارة مفهومة وكناية معقولة أو كتابة مقروءة لم يصح ضمانه، وإن كانت له إشارة مفهومة وكناية معقولة، لأنه حصل مع الكناية إشارة مفهومة، وإلا فالكتابة المقروءة تنفرد مكانهما أو مكان النطق ما دام ذلك يؤدى إلى فهم قصده من الضمان على أحد القولين. وإن انفردت إشارته المفهومة بالضمان صح وإن انفردت الكتابة في الضمان عن إشارة يفهم بها أن قصده الضمان. قال ابن الصباغ لم يصح الضمان، لان الكتابة قد تكون عبثا، أو تجربة للقلم أو حكاية للخط. فلم يلزمه الضمان بمجردها.
(مسألة) إذا ضمن العبد دينا لغير سيده فإن كان غير مأذون له في التجارة نظرت، فإن كان بغير اذن سيده فهل يصح ضمانه؟ فيه وجهان (أحدهما) يصح ضمانه لأنه مكلف له قول صحيح، وإنما منع من التصرف فيما فيه ضرر على السيد ولا ضرر على السيد في ضمانه، فهو كما لو أقر لغيره بمال. فعلى هذا يثبت في ذمته إلى أن يعتق.
(والثاني) لا يصح، لأنه اثبات مال لآدمي بعقد، فلم يصح من العبد بغير اذن سيده كالمهر، فقولنا " لآدمي " احتراز من النذر. وقولنا " بعقد " احتراز من الاقرار لأنه اجبار. ومن الجناية على غير سيده.
وان ضمن بإذن سيده صح لان المنع منه لحق السيد، وقد أذن فيه فإن أذن فيه أن يؤديه من كسبه قضاه منه. وان أطلق الاذن ففيه وجهان (أحدهما) يقضيه من كسبه. كما لو أذن له سيده في النكاح، فإن المهر والنفقة يقضيان من كسبه.
(والثاني) لا يقضيه من كسبه، ولكن يتبع به إذا عتق، لان السيد إنما أذن في الضمان دون القضاء، فيعلق ذلك بذمة العبد لأنها محل للضمان، ويفارق المهر والنفقة يجبان عوضا عن الاستمتاع المعجل، وكان ما في مقابلهما معجلا.
وحكى أبو علي الشيحي وجها آخر أنه يتعلق برقبته - وليس بشئ - وإن كان العبد مأذونا له في التجارة فلا يخلو اما أن يضمن بإذن السيد أو بغير اذنه، فإن ضمن بغير إذنه نظرت، فإن قال: ضمنت لك حتى أؤدي من هذا المال لم يصح الضمان، لان السيد إنما أذن له في التجارة فيما ينمى المال لا فيما يتلفه.