ومنهم من قال فيه قولان. أحدهما يجوز، والثاني لا يجوز ووجههما ما ذكرناه (فصل) ويجوز التوكيل في فسخ العقود لأنه إذا جاز التوكيل في عقدها ففي فسخها أولى، ويجوز أن يوكل في الابراء من الديون، لأنه إذا جاز التوكيل في إثباتها واستيفائها جاز التوكيل في الابراء عنها، وفى التوكيل في الاقرار وجهان (أحدهما) يجوز، وهو ظاهر النص، لأنه اثبات مال في الذمة بالقول فجاز التوكيل فيه كالبيع.
(والثاني) لا يجوز، وهو قول أبى العباس، لأنه توكيل في الاخبار عن حق فلم يجز كالتوكيل في الشهادة بالحق، فإذا قلنا: لا يجوز فهل يكون توكيله اقرارا؟ فيه وجهان.
(أحدهما) أنه اقرار، لأنه لم يوكل في الاقرار بالحق الا والحق واجب عليه (والثاني) أنه لا يكون اقرارا كما لا يكون التوكيل في الابراء ابراء.
(الشرح) حديث أنيس سيأتي في كتاب الحدود وقد أخرجه البخاري ومسلم وقصة توكيل على لأخيه عقيل وابن أخيه عبد الله بن جعفر. قال الشافعي في الام: وأقبل الوكالة من الحاضر من الرجال والنساء في العذر وغير العذر، وقد كان علي بن أبي طالب وكل عند عثمان عبد الله بن جعفر، وعلى حاضر، فقيل:
ذلك عثمان وكان يوكل قبل عبد الله بن جعفر عقيل بن أبي طالب ولا أحسبه الا كان يوكله عند عمر، ولعل عند أبي بكر: وكان على يقول: إن للخصومة قحما وان الشيطان يحضرها اه.
وأما أحكام الفصل: أنه يجوز التوكيل في اثبات حقوق الله تعالى وحقوق العباد، فإذا كان لرجل خصومة لرجل على شئ فوكل غيره عنه كما فعل على حين وكل عقيلا أخاه عند أبي بكر وعبد الله بن جعفر بن أخيه عند عثمان وقال " ان للخصومة قحما، وان الشيطان ليحضرها، وانى لأكره أن أحضرها " قال أبو زياد الكلابي: القحم المهالك، وهذه الروايات تحتاج إلى تحرير وتخريج الا أن ابن قدامة في المغنى يقول: وهذه قصص قد انتشرت، لأنها في مظنة الشهرة فلم ينقل انكارها، ولان الحاجة تدعو إلى ذلك، فإنه قد يكون له حق أو يدعى عليه ولا يحسن الخصومة، أو لا يحب أن يتولاها بنفسه.