الشركة عليهما كالعروض، فإن كان مال أحدهما عشرة دنانير ومال الآخر مائة درهم، وابتاعا بها شيئا وربحا قسم الربح بينهما على قدر المالين، فإن كان نقد البلد أحدهما قوم به الاخر، فان استوت قيمتاهما استويا في الربح، وان اختلفت قيمتاهما تفاضلا في الربح على قدر مالهما.
(فصل) ولا تصح حتى يختلط المالان، لأنه قبل الاختلاط لا شركة بينهما في مال، ولأنا لو صححنا الشركة قبل الاختلاط وقلنا: إن من ربح شيئا من ماله انفرد بالربح أفردنا أحدهما بالربح، وذلك لا يجوز، وان قلنا: يشاركه الاخر أخذ أحدهما ربح مال الاخر، وهذا لا يجوز، وهل تصح الشركة مع تفاضل المالين في القدر؟ فيه وجهان.
(أحدهما) لا تصح، وهو قول أبى القاسم الأنماطي لان الشركة تشتمل على مال وعمل ثم لا يجوز أن يتساويا في المال ويتفاضلا في الربح، فكذلك لا يجوز أن يتساويا في العمل ويتفاضلا في الربح وإذا اختلف مالهما في القدر فقد تساويا في العمل وتفاضلا في الربح، فوجب أن لا يجوز.
(والثاني) تصح، وهو قول عامة أصحابنا وهو الصحيح، لان المقصود بالشركة أن يشتركا في ربح مالهما، وذلك يحصل مع تفاضل المالين كما يحصل مع تساويهما، وما قاله الأنماطي من قياس العمل على المال لا يصح، لأن الاعتبار في الربح بالمال لا بالعمل، والدليل عليه أنه لا يجوز أن ينفرد أحدهما بالمال ويشتركا في الربح، فلم يجز أن يستويا في المال ويختلفا في الربح، وليس كذلك العمل، فإنه يجوز أن ينفرد أحدهما بالعمل ويشتركا في الربح، فجاز أن يستويا في العمل ويختلفا في الربح.
(الشرح) قوله: شركة العنان وهو أن يشتركا في شئ خاص دون سائر أموالهما، كأنه عن لهما شئ فاشترياه مشتركين فيه، وقيل: مأخوذة من عناني فرسي الرهان، لان الفارسين إذا تسابقا تساوى عنانا فرسيهما، وكذلك الشركة يتساوى فيها الشريكان.