الشركة عليه، وعليه نص في البويطي لأنه من غير الأثمان فلم يجز عقد الشركة عليه كالثياب والحيوان (والثاني) يجوز، وهو قول أبي إسحاق لأنه من ذوات الأمثال فأشبه الأثمان، وإن لم يكن لهما غير العروض وأرادا الشركة باع كل واحد منهما بعض عرضه ببعض عرض الاخر، فيصير الجميع مشتركا بينهما، ويشتركان في ربحه.
(الشرح) الأحكام. قال المزني: والذي يشبه قول الشافعي رحمه الله أنه لا تجوز الشركة في العروض ولا فيما يرجع في حال المفاضلة إلى القيم ولغير الأثمان. وجملة ذلك أن عقد الشركة يصح على الدراهم والدنانير لأنها قيم المتلفات ومعايير الأثمان، وبها تعرف قيم الأموال وما يزيد فيها من الأرباح، وممن منع الشركة بالعروض أصحاب أحمد كما نص عليه هو في رواية أبى طالب وحرب، وحكاه عنه ابن المنذر. وكره ذلك ابن سيرين ويحيى بن أبي كثير والثوري وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي، لان الشركة إما أن تقع على أعيان العروض أو قيمتها أو أثمانها. فأما أعيانها فإنه لا يجوز أن تقع عليها لان الشركة تقتضي الرجوع عند المفاصلة برأس المال أو بمثله، وهذه لا مثل لها فيرجع إليه، وقد تزيد قيمة جنس أحدهما دون الاخر فيستوعب بذلك جميع الربح أو جميع المال، وقد تنقص قيمته فيؤدى إلى أن يشاركه الاخر في ثمن ملكه الذي ليس بربح وأما قيمتها فإنها غير متحققة القدر فيفضى إلى التنازع، وقد يقوم الشوء بأكثر من قيمته، ولان القيمة قد تزيد في أحدهما قبل بيعه فيشاركه الاخر في العين المملوكة له.
وأما الأثمان فإنها معدومة حال العقد ولا يملكانها، ولأنه إن أراد ثمنها الذي اشتراها به فقد خرج عن مكانه وصار للبائع. وان أراد ثمنها الذي يبيعها به فإنها تصير شركه معلقة على شرط وهو بيع الأعيان، ولا يجوز ذلك وقد فرق أصحابنا بين ماله مثل وبين مالا مثل له. فأما مالا مثل له كالنبات والحيوان وما أشبههما فلا يصح عقد الشركة عليها، وبه قال من مضى ذكرهم، وقال مالك يصح عقد الشركة عليها ويكون رأس المال قيمتها