له في الثمرة الحادثة بعد انقضاء المدة وانقطاع العمل، ولا يستهلك عمله بغير بدل فيحكم له حينئذ بأجرة المثل، فأما أكثر مدة المساقاة فقد قال الشافعي: تجوز المساقاة سنين.
(قلت) فإذا عرفنا أن أقلها مدة تطلع فيها الثمرة وتستغني عن العمل فان أقصاها، فقد حكى الماوردي أنها كالإجارة. وقد رأينا كيف اختلف قول الشافعي في أكثر مدة الإجارة على قولين (أحدهما) لا يجوز إلا سنة واحدة لزيادة الغرر فيما زاد على السنة. والقول الثاني: يجوز سنين كثيرة قال الشافعي يجوز ثلاثين سنة. فمن أصحابنا من جعل الثلاثين حدا لأكثر المدة اعتبارا بظاهر كلامه. وذهب سائرهم - وهو الصحيح - إلى أن قوله ثلاثين سنة ليس بحد لأكثر المدة، ولهم فيه تأويلان (أحدهما) أنه قاله على وجه التكثير (والثاني) أنه محمول على ما لا يبقى أكثر من ثلاثين سنة فعلى هذا تجوز الإجارة سنين كثيرة، فهل ذكر أجرة كل سنة لازم فيها على قولين (أحدهما) يلزم أن يبين أجرة كل سنة منها (والثاني) لا يلزم فأما المساقاة فأحد القولين أنها لا تجوز أكثر من سنة واحدة كما لا تجوز الإجارة أكثر من سنة (والثاني) تجوز سنين كثيرة يعلم بقاء النخل إليها كما تجوز الإجارة سنين كثيرة قال المصنف رحمه الله تعالى:
(فصل) ولا تجوز إلا على جزء معلوم، فإن ساقاه على جزء مقدر كالنصف والثلث جاز، لحديث ابن عمر، فإن عقد على جزء غير مقدر كالجزء والسهم والنصيب لم يصح، لان ذلك يقع على القليل والكثير، فيعظم الغرر. وإن ساقاه على صاع معلوم لم يصح، لأنه ربما لم يحصل ذلك فيستضر العامل، وربما لا يحصل إلا ذلك فيستضر رب النخل، وإن ساقاه على أن له ثمر نخلات بعينها لم يصح لأنه قد لا تحمل تلك النخلات فيستضر العامل، أو لا يحمل إلا هي فيستضر رب النخل، وإن ساقاه عشر سنين وشرط له ثمرة سنة غير السنة العاشرة