وجملة الثمر من النبات مثمرا على ثلاثة أقسام، قسم لا يختلف مذهب الشافعي في جواز المساقاة عليه وهو النخل والكرم، وقال داود: المساقاة جائزة في النخل دون الكرم، وحكى عن الليث بن سعد جواز المساقاة فيما لم يكن بعلا من النخل ومنع منها في البعل من النخل وفى الكرم، واختلف أصحابنا في جواز المساقاة في الكرم، هل قال به الشافعي نصا أو قياسا، فقال بعضهم: بل قال به نصا وهو ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم ساقى في النخل والكرم، وقال آخرون - وهو الأشبه: إنه قال به قياسا على النخل من وجهين ذكرهما، أحدهما لاشتراكهما في وجوب الزكاة فيها، والثاني: بروز ثمرهما وإمكان خرصهما (والقسم الثاني) ما لا يختلف مذهب الشافعي في بطلان المساقاة فيه، وهو المقاثي والمباطخ والباذنجان ويسميها الزراعيون النباتات الزاحفة (1) وهي التي تمتد أوراقها وعروقها على الأرض. وحكى عن مالك جوازها في هذا كله ما لم يبد صلاحه.
(والقسم الثالث) ما كان شجرا وهو الذي له ساق من الخشب ففي جواز المساقاة عليه قولان، أحدهما: وبه قال في القديم وهو قول أبي ثور: ان المساقاة عليه جائزة، ووجهه أنه لما اجتمع في الأشجار معنى النخل مع بقاء أصلها ومنع إجارتها كانت كالنخل في جواز المساقاة عليها، مع أنه قد كان بأرض خيبر شجر لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم إفرادها عن حكم النخل، ولان المساقاة مشتقة مما يشرب بساق.
والقول الثاني: وبه قال في الجديد، وهو قول أبى يوسف أن المساقاة على الشجر باطلة اختصاصا بالنخل والكرم لما ذكره الشافعي من المعنيين في الفرق بين النخل والكرم وبين الشجر.