رهنا ولا يمكنه أن يستوثق بالشهادة، لأنه قد يفلس البائع فلا تنفعه الشهادة، فلم يبق ما يستوثق به غير الضمان، ولا يمكن أن يجعل القدر الذي يستحق معلوما فعفى عن الجهالة فيه، كما عفى عن الجهل بأساس الحيطان، ويخالف ضمان المجهول لأنه يمكنه أن يعلم قدر الدين ثم يضمنه، وفى وقت ضمانه وجهان (أحدهما) لا يصح حتى يقبض البائع الثمن، لأنه قبل أن يقبض ما وجب له شئ; وضمان ما لم يجب لا يصح (والثاني) يصح قبل قبض الثمن، لان الحاجة داعية إلى هذا الضمان في عقد البيع فجاز قبل قبض الثمن. وإن اشترى جارية وضمن دركها فخرج بعضها مستحقا فان قلنا إن البيع يصح في الباقي رجع بثمن ما استحق، وإن قلنا يبطل البيع في الجميع رجع على الضامن بثمن ما استحق، وهل يرجع عليه بثمن الباقي. فيه وجهان (أحدهما) يرجع عليه، لأنه بطل البيع فيه لأجل الاستحقاق، فضمن كالمستحق.
(والثاني) لا يرجع لأنه لم يضمن إلا ما يستحق فلم يضمن ما سواه، وإن ضمن الدرك فوجد بالمبيع عيبا فرده، فهل يرجع على الضامن بالثمن؟ فيه وجهان (أحدهما) لا يرجع، وهو قول المزني وأبى العباس، لأنه زال ملكه عنه بأمر حادث فلم يرجع عليه بالثمن، كما لو كان شقصا فأخذه الشفيع (والثاني) يرجع لأنه رجع إليه الثمن بمعنى قارن العقد، فثبت له الرجوع على الضامن، كما لو خرج مستحقا، وإن وجد به العيب وقد حدث عنده عيب فهل يرجع بأرش العيب؟ على ما ذكرناه من الوجهين (الشرح) قوله " الدرك " التبعة بفتح الراء وسكونها، قال في الصحاح:
يقال ما لحقك من درك فعلى خلاصه أما الأحكام: فإنه يصح ضمان العهد على المنصوص في الام، وهو أن يشترى رجل عينا بثمن في ذمته فيضمن رجل عن البائع الثمن ان خرج المبيع مستحقا، وخرج أبو العباس بن سريج قولا آخر أنه لا يصح وبه قال ابن القاص، لأنه ضمان ما لم يجب، ولأنه ضمان مجهول لأنه لا يعلم هل يستحق المبيع أو بعضه.