وإن قلنا: يخاصمه، فان حلف أخذ الشفيع الشقص من البائع ورجع بالعهدة عليه، وإن نكل فحلف البائع سلم الشقص إلى المشترى وأخذ الشفيع الشقص من المشترى، ورجع بالعهدة عليه لأنه منه أخذ، واليه دفع الثمن، وان أقر البائع بالبيع وقبض الثمن، وأنكر المشترى، فمن قال: لا شفعة إذا لم يقر بقبض الثمن لم تثبت الشفعة إذا أقر بقبضه، ومن قال: تثبت الشفعة إذا لم يقر بقبض الثمن اختلفوا إذا أقر بقبضه، فمنهم من قال: لا تثبت لأنه يأخذ الشقص من غير عوض، وهذا لا يجوز، ومنهم من قال: تثبت، لان البائع أقر له بحق الشفعة وفى الثمن الأوجه الثلاثة التي ذكرناها، فيمن ادعى الشفعة على شريكه وحلف بعد نكول الشريك، والله أعلم.
(الشرح) قال الشافعي: وعهدة المشترى على البائع وعهدة الشفيع على المشترى، قال الماوردي في الحاوي: أما العهدة فمشتقة من العهد لما فيه من الوفاء بموجبه قال تعالى " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم " وقال الفيومي في المصباح:
العهد الوصية يقال: عهد إليه يعهد من باب تعب إذا أوصاه وعهدت إليه بالامر قدمته وفى التنزيل " ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان " والعهد الأمان والموثق والذمة، ومنه قيل للحربي يدخل بالأمان ذو عهد. ومعاهد أيضا بالبناء للفاعل والمفعول، لان الفعل من اثنين فكل واحد يفعل بصاحبه مثل ما يفعل صاحبه - إلى أن قال - وقولهم: عهدته عليه من ذلك لان المشترى يرجع على البائع بما يدركه وتسمى وثيقة المتبايعين عهدة لأنه يرجع إليها عند الالتباس اه.
ونعود إلى قول الشافعي فنقول: لقد سمى ضمان الدرك عهدة ثم سمى كتاب الشراء (الفاتورة) عهدة، واختلف الفقهاء في عهدة الشفيع هل تجب على البائع أو على المشترى؟ فذهب الشافعي إلى أن عهدة الشفيع على المشترى وعهدة المشترى على البائع.
وقال ابن أبي ليلى: عهدة الشفيع على البائع، وقال أبو حنيفة: إن كان الشفيع