وان لم يعلم ففيه وجهان (أحدهما) أنه يبرأ الغاصب من الضمان لأنه عاد إلى يده (والثاني) لا يبرأ لأنه لم يعد إلى سلطانه، وإنما عاد إليه على أنه أمانة عنده، وان باعه منه برئ من الضمان علم أو لم يعلم، لان قبضه بابتياع يوجب الضمان فبرئ به الغاصب من الضمان.
(فصل) وان غصب شيئا فرهنه المالك عند الغاصب لم يبرأ الغاصب، وقال المزني: يبرأ لأنه أذن له في امساكه فبرئ من الضمان كما لو أودعه، والمذهب الأول، لان الرهن يجتمع مع الضمان وهو إذا رهنه شيئا فتعدى فيه فلا ينافي الضمان.
(فصل) وان غصب حرا وحبسه ومات عنده لم يضمنه لأنه ليس بمال فلم يضمنه باليد وان حبسه مدة لمثلها أجرة فان استوفى فيها منفعته لزمته الأجرة لأنه أتلف عليه ما يتقوم فلزمه الضمان كما لو أتلف عليه ماله أو قطع أطرافه، وان لم يستوف منفعته ففيه وجهان.
(أحدهما) تلزمه الأجرة لان منفعته تضمن بالإجارة فضمنت بالغصب كمنفعة المال (والثاني) لا تلزمه لأنها تلفت تحت يده فلا يضمنه الغاصب بالغصب كأطرافه وثياب بدنه.
(فصل) وان غصب كلبا فيه منفعة لزمه رده على صاحبه لأنه يجوز اقتناؤه للانتفاع به فلزمه رده فان حبسه مدة لمثلها أجرة، فهل تلزمه الأجرة فيه وجهان بناء على الوجهين في جواز اجارته.
(فصل) وان غصب خمرا نظرت، فان غصبها من ذمي لزمه ردها عليه لأنه يقر على شربها فلزمه ردها عليه وان غصبها من مسلم ففيه وجهان.
أحدهما: يلزمه ردها عليه لأنه يجوز أن يطفئ بها نارا أو يبل بها طينا فوجب ردها عليه.
والثاني: لا يلزمه وهو الصحيح، لما روى أن أبا طلحة رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فأمره صلى الله عليه وسلم أن يهرقها فان أتلفها أو تلفت عنده لم يلزمه ضمانها، لما روى ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم ثمنه،