الأصل، وإن غصب ماله مثل واتخذ منه ماله مثل كالسمسم إذا عصر منه الشيرج ثم تلف فالمغصوب منه بالخيار إن شاء رجع عليه بمثل السمسم، وإن شاء رجع عليه بمثل الدهن، لأنه قد ثبت ملكه على كل واحد من المثلين، فرجع بما شاء منهما.
وإن وجب المثل فأعوز فقد اختلف أصحابنا فيه، فمنهم من قال تجب قيمته وقت المحاكمة، لان الواجب هو المثل، وإنما القيمة تجب بالحكم فاعتبرت وقت الحكم. ومنهم من قال تعتبر قيمته أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين تعذر المثل، كما تعتبر قيمة المغصوب أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف.
ومنهم من قال تضمن قيمته أكثر ما كانت من حين الغصب إلى وقت الحكم.
لان الواجب في الذمة هو المثل إلى وقت الحكم، كما أن الواجب في المغصوب رد العين إلى وقت التلف، ثم يغرم قيمة المغصوب أكثر ما كانت من حين الغصب إلى حين التلف، فيجب أن يعتبر في المثل أكثر ما كانت قيمته إلى وقت الحكم. ومنهم من قال: إن كان ذلك مما يكون في وقت وينقطع في وقت كالعصير وجبت قيمته وقت الانقطاع، لأنه بالانقطاع يسقط المثل وتجب القيمة. وإن كان مما لا ينقطع عن أيدي الناس وإنما يتعذر في موضع وجبت قيمته وقت الحكم لأنه لا ينتقل إلى القيمة الا بالحكم.
وان وجد المثل بأكثر من ثمن المثل احتمل وجهين (أحدهما) لا يلزمه المثل لان وجود الشئ بأكثر من ثمن المثل كعدمه، كما قلنا في الماء في الوضوء والرقبة في الكفارة (والثاني) يلزمه، لان المثل كالعين، ولو احتاج في رد العين إلى أضعاف ثمنه لزمه فكذلك المثل.
(الشرح) الغصب ومادته من غصبه غصبا من باب ضرب، واغتصبه أخذه قهرا وظلما فهو غاصب، والجمع غصاب ككافر وكفار، ويتعدى إلى مفعولين.
فيقال: غصبته ماله، وقد تزاد من في المفعول الأول فيقال. غصبت منه ماله، فزيد مغصوب ماله، ومغصوب منه ماله، ويبنى للمفعول فيقال: اغتصبت