الطبري: يعتبر رضاه، وهو قول أبي حنيفة كما سبق في شرح ترجمة الباب إلا في مسألة واحدة، وهو إذا قال المريض لبعض ورثته اضمن عنى دينا لفلان الغائب فضمن عنه بغير اذن المضمون له وان لم يسم الدين استحسانا، لأنه اثبات مال لآدمي فلم يصح الا برضاه أو من ينوب عنه كالبيع والشراء له فقولنا " لآدمي " احتراز كما قلنا من النذر. وقال أبو العباس بن سريج يصح من غير رضاه، ولم يذكر الشيخ أبو حامد غيره، وبه قال أبو يوسف لان عليا وأبا قتادة رضي الله عنهما ضمنا الدين بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم بغير رضا المضمون له ولأن الضمان وثيقة بالحق فلم يفتقر إلى رضا من له الوثيقة، كما لو أشهد من عليه الدين بنفسه فصحت الشهادة وان لم يرض المشهود له.
وأما معرفة الضامن للمضمون له والمضمون عنه فهل يفتقر إلى ذلك فيه ثلاثة أوجه (أحدها) أنه لا يفتقر إلى معرفة واحد منهما، وإنما يضمن بالاسم والنسب ووجهه ضمان أبى قتادة وعلي، ولم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل يعرفان عين المضمون له والمضمون عنه أم لا، ولو كان الحكم يختلف بذلك لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، ولان الواجب أداء الحق فلا حاجة إلى معرفة ما سوى ذلك.
(والثاني) أنه لا يصح حتى يعرف الضامن عينهما: لان معاملته المضمون له فلابد من معرفته بعينه ليعلم هل هو أهل لان يسدى إليه الجميل أم لا.
(والثالث) أنه يفتقر إلى معرفة عين المضمون له لان معاملته معه، ولا يفتقر إلى معرفة المضمون عنه، لأنه لا معاملة بينه وبينه قال المحاملي فإذا قلنا بهذا افتقر إلى قبوله، فان قيل لزم الضمان وان رد بطل، وان رجع الضامن قبل قبول المضمون له صح رجوعه قال المصنف رحمه الله تعالى (فصل) وان باعه بشرط أن يضمن الثمن ضامن، لم يجز حتى يعين الضامن، لان الغرض يختلف باختلاف من يضمن، كما يختلف باختلاف