ولا للوكيل في الشراء أن يشترى بغير نقد البلد من غير إذن، لان إطلاق البيع يقتضى نقد البلد، ولهذا لو قال: بعتك بعشرة دراهم حمل على نقد البلد، وإن كان في البلد نقدان باع بالغالب منهما، لان نقد البلد هو الغالب، فإن استويا في المعاملة باع بما هو أنفع للموكل، لأنه مأمور بالنصح له، ومن النصح أن يبيع بالأنفع، فان استويا باع بما شاء منهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر فخير بينهما وإن أذن له في العقد بنقد لم يجز أن يعقد بنقد آخر، لان الاذن في جنس ليس بإذن في جنس آخر، ولهذا لو أذن له في شراء عبد لم يجز أن يشترى جارية، ولو أذن له في شراء حمار لم يجز أن يشترى فرسا.
(الشرح) الأحكام: إذا وكله في بيع الشئ جميعه لأنه لا يتجزأ، أو يتجزأ ولكن الاذن منعقد على أن يباع صفقة واحدة، فلبس له أن يبيع بعضه، فان قال له: بع هذه السيارة بمائة، فباع نصفها بسبعين، فان هذا البيع لا يلزم الموكل، لأنه لا يأمن أن يبيع الباقي بثلاثين فإن قال له: بع هذه السيارة بمائة، فباع نصفها بمائة جاز، لأنه زاد خيرا وأتى بالغرض للموكل من الحصول على المائة، وزيادة ملكيته لنصف السيارة، وليس عليه ضير من هذه التجزئة. وكذلك توكيله في بيع شيئين بمائه فباع أحدهما بمائه. وبهذا قال أحمد والشافعي ومحمد وأبو يوسف وقال أبو حنيفة: يجوز أن يبيع بعض الموكل فيه بأي ثمن إذا كان التوكيل مطلقا بناء على أصله في أن للوكيل المطلق البيع بما شاء. أما الشراء فإذا وكله في شراء طن من الورق فاشتراه رزمه رزمه، فإذا كان ثمنه ثمن الطن مرة واحدة جاز إذا لم يختلف بعضها عن بعض نوعا أو وزنا أو لونا أو ملمسا، وعند أحمد لا يصح لعدم الإذن والذي يدور عليه مفهوم الوكالة هو اذن الموكل أولا، وتوخى الأنفع أو الاحظ له ثانيا، ومراعاة أن يكون النقد الذي يبيع به نقدا محليا، حتى لا يشق على الموكل الانتفاع به أو الحصول على نقد معتبر متداول معروف، فقد تتفق بعض النقود في الأسماء ولكنما تختلف من حيث القيمة وجهة الاصدار،