وفي كل تهليل من خوفه، ووجله، ورغبته، وسؤاله، وتسبيحه، وتكبيره ما يليق من تلك المعاني بالحي القيوم العلي العظيم، الذي هو بكل شئ عليم، وعلى كل شئ قدير، وهو رب العرش العظيم.
وتهليلاته على عدد الشهور التي هي عند الله اثنا عشر شهرا (1)، ومجموع التهليلات والتسبيحات أربع وعشرون بعدد ساعات الليل والنهار، ويظهر من كل جملة من هذا الدعاء من العلم والعرفان والإيمان والعمل ما هو أعلى وأجل من البيان.
فمبدأ عمله ومنشأ شهادته، وما ظهر منه في يوم ليس كيومه يوم (2) هو العلم والإيمان اللذان رفعه الله بهما إلى مقام الحرية عن كل ما سوى الله، والعبودية لله تعالى، كما ورد عنه: (إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة " (3).
وعنه (عليه السلام): (أنت الذي أشرقت الأنوار في قلوب أوليائك حتى عرفوك ووحدوك، وأنت الذي أزلت الأغيار عن قلوب أحبائك حتى لم يحبوا سواك، ولم يلجؤوا إلى غيرك) (4).
فهو الراغب الذي لا يرغب إلا إلى القرب من الله، والراهب الذي لا يرهب إلا البعد من الله، وهو الحر الذي أعتق نفسه عن كل تعلق، وبذل مهجته باسم الله وبالله وفي سبيل الله، شكرا لله {قل كل يعمل على شاكلته} (5).