هذه قطرة من بحر عرفانه بربه وعبادته لإلهه، ولابد لأهل الفضل من النظر في صحيفته السجادية التي هي زبور آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعراج الأولياء ومنهاج الأصفياء التي عجزت عن إدراك دقائقها عقول الحكماء، واندهشت من لطائفها قلوب العرفاء، ولم تصل إلى حقائقها إلا الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم.
في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: حج علي بن الحسين على راحلة عشر حجج، ما قرعها بسوط، ولقد بركت به سنة من سنواته فما قرعها بسوط (1).
وكان عنده قوم أضياف فاستعجل خادما بشواء كان في التنور، فأقبل به الخادم مسرعا، فسقط السفود منه على رأس بني لعلي بن الحسين (عليهما السلام) تحت الدرجة، فأصاب رأسه فقتله، فقال علي (عليه السلام) للغلام وقد تحير الغلام واضطرب: أنت حر، فإنك لم تتعمده، وأخذ في جهاز ابنه ودفنه (2).
ودخل على محمد بن أسامة بن زيد [زيد بن أسامة بن زيد] فجعل محمد يبكي، فقال له علي (عليه السلام): ما شأنك؟ قال: دين، فقال: كم هو؟ فقال: خمسة عشر ألف دينار، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): هو علي فالتزمه عنه (3).
وكان له ابن عم يأتيه بالليل متنكرا فيناوله شيئا من الدنانير، فيقول: لكن علي بن الحسين لا يواصلني لا جزاه الله عني خيرا. فيسمع ذلك ويحتمله ويصبر عليه، ولا يعرفه بنفسه، فلما مات فقدها، فحينئذ علم أنه هو كان، فجاء إلى قبره وبكي عليه (4).