وحتى إذا عم البحث في الكتاب لبعض الأشياء الخاصة، كما إذا ائتمن الرجل غيره على أثر يختص به من مؤلف له أو مخترع يعتز به اعتزازا معنويا، أو على عقد نفيس له ميزة معنوية عند بعض الخاصة أو ما يشبه هذه الأمور، فالمقصود في البحث عنه عند الفقهاء هو الجهة المالية التي تكون للشئ الذي استودعه إياه، من حيث وجوب الحفظ، ووجوب أدائه عند الطلب، ومن حيث الضمان عند حدوث ما يوجب الضمان، وتكون المميزات المعنوية التي يتصف بها ذلك الأثر المستودع موجبة لزيادة قيمته المالية عند الراغبين فيه.
(المسألة الثانية):
الوديعة كما قلنا: هي أن يأتمن الانسان شخصا غيره على مال ليحفظه له، أو هي عقد يقع بين صاحب المال والأمين تكون فائدته الائتمان المذكور على المال ولذلك فلا بد فيه من الايجاب والقبول، ويكفي في ايجاب عقد الوديعة كل لفظ يكون دالا على الائتمان أو الاستيداع، فيقول صاحب المال للشخص الذي يأتمنه:
أودعتك هذا المال أو هذا الشئ لتحفظه عندك، أو يقول له: ائتمنتك عليه لتحفظه لي أو يقول: استودعتك المال أو استودعته عندك، أو استودعته لديك، أو يقول له:
هذا المال وديعة عندك أو: وديعة لديك أو يقول: احفظ لي هذا الشئ، أو ما أدى هذا المعنى من الألفاظ، وكان ظاهر الدلالة عليه، ولو بمعونة القرينة الموجودة من حال أو مقال، ويكفي في القبول أيضا أي قول يدل على الرضا بالائتمان، فيقول المؤتمن: قبلت الوديعة أو الأمانة منك، أو رضيت بها.
ويصح أن يقع عقد الوديعة بغير اللغة العربية من اللغات الأخرى للعارفين بها، ويصح أن ينشأ عقدها بالأفعال الدالة على المقصود، فيدفع المالك ماله إلى