المالك للرجل: أودعتك هذا المال، أو دفع إليه بقصد استيداعه عنده فسكت الرجل ولم يقل شيئا، ولم يصدر منه قبض أو فعل يدل على القبول، فلا يكون سكوته قبولا للعقد، إلا أن يقترن ذلك بقرينة تدل على الرضا بالوديعة.
(المسألة الرابعة):
إذا كان الرجل عاجزا عن حفظ الوديعة وغير قادر على القيام بأمرها فالأحوط لزوما له أن لا يقبل الوديعة من صاحبها، وإن كان واثقا من نفسه بأنه لا يتعدى على الأمانة ولا يرتكب خيانة، وإذا كان مالك الوديعة يعلم بحال الرجل من الضعف والعجز عن حفظها وأصر مع علمه بذلك على ايداع الوديعة عنده، وأن يحفظها له بمقدار ما يمكنه من الحفظ، جاز له أن يقبلها منه على هذا الشرط فيجب عليه القيام بحفظ الوديعة ورعايتها بمقدار ما يستطيعه من ذلك.
(المسألة الخامسة):
يشترط في صحة الوديعة أن يكون صاحب المال المودع له بالغا، فلا تصح وديعة الطفل لماله عند غيره، وإن كان الطفل مميزا، وهذا إذا تولى ايداع ماله بنفسه بغير إذن وليه، فلا يجوز لذلك الغير أن يقبض منه وديعته، وإذا هو قبضها ووضع يده عليها كان ضامنا لها ولما يحدث فيها من نقص أو عيب أو تلف، ولا تبرأ ذمته من ذلك إذا هو رد الوديعة إلى الطفل نفسه، فيلزمه أن يردها إلى وليه الشرعي.
ولا يبعد القول بصحة الوديعة من الصبي إذا كان مميزا عارفا بكيفية انشاء المعاملة والمعنى المراد من الصيغة، وتولى ايداع بعض أمواله عند أحد وكان فعله لذلك بإذن وليه الشرعي المطلع على ذلك كله، فأنشأ الوديعة ودفع المال للشخص الذي ائتمنه على وفق ما يرام، فيصح لهذا المستودع قبض الوديعة منه