(المسألة الخامسة):
تشترك الجعالة مع إجارة الأجير على العمل في عدة من شروطها، وتشبهها في بعض أحكامها، وكلتا المعاملتين تحتويان على جعل عوض للعامل على الاتيان بعمل معين، وتفترقان في عدة فوارق، فالإجارة عقد من العقود لا يتم إلا بايجاب وقبول يقعان بين المستأجر والأجير، والجعالة كما ذكرنا آنفا ايقاع ينشئه الجاعل ولا يحتاج إلى قبول من العامل.
وإذا تم عقد الإجارة بين المتعاقدين ملك المستأجر العمل المعين من الأجير فيجب على الأجير القيام به، وملك الأجير العوض المعلوم من المستأجر، وقد ملكا ذلك بنفس العقد، على ما فصلناه في كتاب الإجارة، وتخالفها الجعالة في ذلك فإن الايقاع فيها إذا تم لم يملك الجاعل من العامل عملا، ولم يملك العامل من الجاعل عوضا بالايقاع ولا بعده، فإذا قام العامل بالعمل المقصود بعد انشاء الجعالة استحق العوض المعين على الجاعل ولزم الجاعل دفعه إليه، وهذا هو أثرها.
وسنذكر في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى بعض المشابهات بينهما وبعض الفروق.
(المسألة السادسة):
يشترط في صحة الجعالة أن يكون الملتزم الجاعل بالغا عاقلا قادرا على الوفاء بما يلتزم به من العوض للمجعول له، وأن يكون مختارا في فعله، قاصدا لانشاء المعنى الذي يلتزم به، رشيدا غير محجور عليه في تصرفه، وهذه الأمور بذاتها هي الشروط المعتبرة في المستأجر، وقد فصلنا القول فيها في كتاب الإجارة وفي غيره من كتب المعاملات، فليرجع إليها من يطلب المزيد من التوضيح.