ويكفي في صحة الايجاب والقبول فيها أن يقعا بأي لفظ يكون ظاهر الدلالة عند أهل اللسان على المضمون الذي يريده المتعاقدان، سواء كانت دلالته بنفسه أم بقرينة موجودة تحف بالمعاملة، وسواء أنشأ المتعاملان الايجاب القبول بينهما بصيغة الفعل الماضي أم بالفعل المضارع أم بفعل الأمر، أم بالجملة الإسمية، أم بغير اللغة العربية من اللغات الحية التي يحسنها الطرفان إذا هما قصدا إنشاء المعنى المقصود بها، فإذا قال مالك الأصول لعامل المساقاة: سلمت إليك هذه الأصول المغروسة أو أدفع لك هذه المغروسات لتسقيها وتتعهد أمرها بالرعاية والاصلاح والعمل فيها حتى تثمر، ولك النصف من حاصل ثمرها، أو الثلث، أو غيرهما من الحصص المشاعة إذا اتفقا عليها، أو قال له: اسق هذه الأصول المغروسة وتعهدها بالعمل فيها وفي اصلاحها حتى تنتج وتثمر ولك نصف حاصلها، وقال العامل:
قبلت المساقاة منك بالحصة التي عينتها لي من الحاصل صحت المعاملة.
وكذلك إذا كان الايجاب من عامل المساقاة فقال لمالك الأصول: تسلمت منك هذه المغروسات لأسقيها وأعمل لك فيها حتى تثمر، ولي النصف من حاصل ثمرها وقال المالك رضيت بذلك، ومثله ما إذا أنشأ أحدهما الايجاب بلغة غير عربية وقبل صاحبه منه الايجاب فتصح المعاملة وتنفذ، ويمكن أن ينشأ الايجاب باللفظ والقبول بالفعل الدال على الالتزام والرضا بما أنشأه الموجب، ويصح بعكس ذلك فينشئ للموجب العقد بالفعل الدال على انشاء المعنى المقصود ويكون القبول باللفظ، ويكفي أن يكون انشاء المعاملة بالمعاطاة من الجانبين، بعد أن يعينا قبلها ما يحتاجان إلى تعيينه، ويذكرا ما يحتاجان إلى ذكره من الشروط، ثم تجري المعاملة بالمعاطاة مبينة على ذلك، وقد ذكرنا نظير هذا في عقد المزارعة.