الحريم إنما هو حد شرعي لابعاد البئر اللاحقة عن البئر السابقة عليها في الحفر إذا كانت تضر بمائها، وكذلك الحريم الثاني للعين والقناة والنهر، وقد سبق منا بيان هذا، فيجوز للآخرين احياء هذا الحريم وتحجيره والتصرف فيه، ولا يجوز لمالك البئر والعين والقناة والنهر منعهم منه.
(المسألة 39):
لا يثبت الحريم بين الأملاك المتجاورة، فإذا بنى الرجل له دارا في أرضه المملوكة له، فليس له حق الاستطراق إلى داره في الدخول والخروج منها في أرض جاره، ولا حق له في اجراء مياه داره أو القاء كناستها وقمامتها في ملك جاره، أو أن يجعل في ملك جاره شيئا من مرافق داره، إلا إذا أذن له الجار بما يريد، وإذا أذن له بشئ منه فإنما هي رخصته يجوز له الرجوع بها متى أراد، وكذلك إذا بنى الرجل حائطا أو شق له نهرا أو حفر بئرا في حدود أرضه المملوكة له، فلا يثبت لها حريم في ملك صاحبه كالحريم الذي يكون لها إذا أنشئت في الأرض الموات.
نعم، إذا سبق أحد المتجاورين فحفر له بئرا في أرضه أو استنبط عينا نابعة أو شق قناة أو نهرا، ثم أراد جاره أن يخرج مثل ذلك في ملكه وكانت بئره أو عينه أو قناته أو نهره الذي يريد اخراجه يضر بما فعله الأول وجب على الثاني أن يبتعد عنه بمقدار يرتفع به الضرر وليس ذلك حريما أو حقا للجار في ملك الجار، بل لعدم جواز الاضرار به وقد ذكرنا هذا في المسألة السابعة والعشرين والمسألة الثلاثين.
(المسألة 40):
يجوز لكل واحد من الشخصين المتجاورين في الملك أن يتصرف في ملكه الخاص به كيف ما يريد، ولا يحق لأحد من الناس أن يمنعه من التصرف في ملكه