من بعده فلم يخرج الماء في البئر الثانية بسبب قرب البئر السابقة منها أو خرج الماء فيها ضعيفا فلا شئ على السابق ولا يجب عليه طم بئره ليزيل الضرر عن صاحبه فإن الضرر على اللاحق قد حصل بسبب تصرفه بنفسه في ملكه لا بسبب تصرف الأول في كلتا الصورتين.
(المسألة 45):
تكاثرت الأحاديث الواردة عن الرسول صلى الله عليه وآله وعن خلفائه الأئمة المعصومين (ع) الدالة على حرمة ايذاء الجار، وعلى وجوب كف الأذى عنه وتنوعت في الدلالة على ذلك، ففي بعضها (إن الرسول الله صلى الله عليه وآله أمر عليا وسلمان وأبا ذر، يقول راوي الحديث ونسيت آخر وأظنه المقداد أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم: إنه لا ايمان لمن لم يأمن جاره بوائقة، فنادوا بذلك ثلاثا)، وعن أبي حمزة قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: (المؤمن من أمن جاره بوائقة، قلت ما بوائقة قال (ع) ظلمه وغشمه)، وفي حديث المناهي عن الرسول صلى الله عليه وآله: (من أذى جاره حرم الله عليه الجنة ومأواه جهنم وبئس المصير، ومن ضيع حق جاره فليس منا، وما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)، وفي الخبر عن الإمام جعفر بن محمد عن أبيه (عليهما السلام)، قال: (قرأت في كتاب علي (ع): إن رسول الله صلى الله عليه وآله كتب بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب إن الجار كالنفس غير مضار ولا إثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمة)!
ولهذه النصوص وغيرها فيحرم على الجار ايذاء جاره، ويجب عليه كف أذاه عنه، سواء حصل الأذى بتصرف الانسان في ملكه تصرفا يضر بجاره ويؤذيه أم بسبب آخر، فيكون بايذائه إياه عاصيا آثما.