(المسألة 46):
وقد استفاضت الأخبار عنهم (صلوات الله عليهم) في الحث على حسن الجوار والتأكيد على حفظ حقوق الجيران، فعن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال (حسن الجوار يعمر الديار وينسئ في الأعمار)، وعن الإمام أبي عبد الله (ع) : (حسن الجوار يزيد في الرزق)، وفي خبر أبي أسامة زيد الشحام قال: قال لي أبو عبد الله (ع): (اقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام، وأوصيكم بتقوى الله (عز وجل) والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة وطول السجود وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله)، وعنه (ع) في حديث آخر: (أما يستحيي الرجل منكم أن يعرف جاره حقه ولا يعرف حق جاره)، وعن العبد الصالح (ع): (ليس حسن الجوار كف الأذى، ولكن حسن الجوار صبرك على الأذى)، وقد تكرر في أحاديثهم (ع): (إن الصبر على أذى الجار وعلى أذى المؤذين من الناس مما يوجب الأجر الكريم عند الله، وأنه سبحانه يمتحن العبد المؤمن بالجار المؤذي أو بالقرين المؤذي من أهل بيته أو أرحامه أو بالرفيق المؤذي في سفره أو حضره ليؤجره بذلك إذا صبر) وورد عنهم (ع): (من كف أذاه عن جاره أقاله الله عثرته يوم القيامة).
ولعل المراد بذلك أن يكظم الرجل غيظه مع ايذاء جاره له، ويصبر نفسه على تحمل الأذى منه، ويكف نفسه عن مجازاته بالأذى مع قدرته على ذلك ابتغاء لمرضاة الله سبحانه فيستحق بذلك أن يقيله الله عثرته في يوم الجزاء.
وقد ذكرنا في آخر كتاب الصلح في الجزء الرابع من هذه الرسالة مسائل تتعلق بأملاك المتجاورين فليرجع إليها.