وقد حدد ذلك في الحكم الشرعي بأن تبعد الثانية في مكانها الذي تحفر فيه عن الأولى أربعين ذراعا، إذا كانت الأولى بئر عطن وإن تبعد عنها ستين ذراعا إذا كانت بئر ناضح، وبئر العطن هي ما يستقي منها للإبل والغنم، وبئر الناضح ما يستقى منها لمزرعة أو بستان أو نحوهما.
فيجب على صاحب البئر اللاحقة أن يبعدها عن مكان الأولى بالمقدار المذكور، والظاهر أن التحديد بالمقدار المعين إنما هو بحسب ما يقتضيه الغالب في مياه الآبار المتعارفة، وإن المدار فيه على التأثير وعدمه، فإذا علم أن البئر الثانية لا تؤثر على ماء الأولى قلة ولا ضعفا وإن استخرجت الثانية بالقرب من الأولى جاز الحفر بقربها ولم يجب ابعادها، وإذا علم بأن المقدار المذكور من البعد لا يكفي في إزالة الأثر وجب أن تبعد الثانية عن الأولى بأكثر من ذلك حتى لا تؤثر في مائها شيئا.
(المسألة 27):
لا يختص الحكم بوجوب بعد البئر اللاحقة عن البئر السابقة عليها في الوجود بالآبار التي يحييها الانسان في الأرض الموات، بل يجري حتى في الآبار التي يحدثها أصحابها في أراضيهم المملوكة لهم، فإذا كانت لأحد الرجلين بئر في أرضه المملوكة أو في داره، وأراد الرجل الآخر أن يحفر له بئرا في أرض يملكها بجوار الأول، أو في أرض موات تقع بجواره، لزمه أن يبعدها عن بئر الأول إذا كانت تضر بمائها، وكذلك البئر الموقوفة أو المسبلة في وجه من وجوه الخير، فإذا أراد شخص آخر أن يحدث له بئرا في ملكه أو في أرض موات وهي في جوار البئر الموقوفة أو المسبلة، فعلى الثاني أن يبعد بئره عنها إذا كانت توجب