فحريم النهر من الأرض مقدار ما يلقى فيه طينه وترابه على الحافتين إذا احتاج إلى التنقية، وطريقان على حافتي النهر يسلكهما من يريد اصلاحه إذا احتاج إلى الاصلاح سواء كان النهر عاما أم خاصا، بمالك واحد أم بجماعة، ولا ريب في أن مقدار حريم النهر يختلف باختلاف النهر نفسه في كبره وصغره، وفي سعة الأرض والدور والنخيل والمزارع التي تستقي منه وقلتها، وفي قلة العاملين فيه لاصلاحه وكثرتهم.
(المسألة 24):
إذا شق انسان له نهرا في الأرض الميتة ليسقي منه مزرعته أو أرضه أو داره أو حفره جماعة مخصوصون لينتفعوا به في سقي مزارعهم ودورهم وملكوه بالاحياء، فحريم النهر من الأرض الموات حق للرجل الذي حفر النهر وملكه أو الجماعة الذين أخرجوه وملكوه، فلا يجوز لأحد سواهم احياء حريم النهر إلا بإذنهم.
وإذا كان النهر عاما ينتفع به جماعة غير محصورين في العدد، وكان النهر غير مملوك لأحد منهم بعينه، أو لجماعة معينين، فالحريم حق عام للجماعة الذين ينتفعون به جميعا نظير ما يأتي بيانه في حريم القرية، إلا إذا كان الذي حفر النهر واحدا بعينه أو جماعة معينون، وبعد أن شقوا النهر لأنفسهم وملكوه أباحوا الانتفاع والتصرف فيه للجميع، فيكون حريم النهر من الأرض الميتة حقا لمن استخرج النهر خاصة، دون غيره، إلا إذا أسقط حقه من الحريم، أو جعل النهر نفسه مباحا للجميع.